استهداف الاسلام: محاولة للتعليل المباشر وغير المباشر(أبو يعرب المرزوقي)_ج1_
لما بينت أني قد اكتشفت البنية العميقة لنوعي الأنظمة التي تبدو مطلقة التعارض في أنظمة الحكم وهي متحدة في الباطن سميت هذه البنية بنظام دين العجل أو “الأبيسيوقراطية”.
فالأبيس هو العجل باليونانية وهو رمز النظام الفرعوني.
وقصة العجل الذهبي غنية عن الشرح إذ لا يوجد مسلم يجهلها: عجل ذهبي ذو خوار عبده الإسرائيليون بعد أن تركهم موسي مع اخيه.
والنظامان المتقابلان إلى حد التناقض في الظاهر والمتحدان في البنية الباطنية التي هي “الأبيسيوقراطيا” هما:
1. “الثيوقراطيا” أو الحكم باسم الله
2. و”الانثروبوقراطيا”أو الحكم باسم الإنسان. وهو في الغالب النظام العلماني المتطرف ومثاله العلمانية اليعقوبية وخاصة الشيوعية وبعض الليبرالية.
والثيوقراطي والانثروبوقراطي هما الحدان الاقصيان. وقد يوجد مزيج منهما.
لن أتكلم في خصائص النظامين الحدين لأني أطنبت في محاولات سابقة الكلام عليهما وسأكتفي بجملة واحدة تشرح معنى البنية العميقة المشتركة بينهما والتي هي وحدتهما الباطنة التي يخفيها تعارضهما الظاهر:
فالعجل مؤلف من معدنه وهو الذهب رمز ربا الأموال وهو معلوم و”كلامه” وهو الخوار رمز ربا الأقوال وهو جوهر إيديولوجيا الخداع.
لا أعتقد أني بحاجة إلى الكلام على ربا الأموال لأنه يتمثل في نقل “العملة” أو رمز الفعل من دورها كأداة تبادل اقتصادي وجعلها ذات سلطان على المتبادلين بسبب الربا.
والخوار أو ربا الأقوال يتمثل في نقل الكلمة أو فعل الرمز من دورها كأداة تواصل ثقافي وجعلها ذات سلطان على المتواصلين بسبب الخداع الإيديولوجي:
وإذن فهما يشتركان في استعباد الإنسان وهما من ثم أداتا الثيوقراطيا والأنثروبوقراطيا وتلك هي بنيتهما العميقة.
ما أعرضه هنا غير مسبوق بمعنى أنه نظرية شخصية. وهي ليست مجرد نظرية مقصورة على التحليل المفهومي بل إن لها سندا تجريبيا من تاريخ الأنظمة الثيوقراطية والانثروبوقراطية مثل التشيع والشيوعية والأنظمة القومية الفاشية التي تحاكيهما وخاصة من حيث أسلوب السياسة وبنية الدولة فيهما ومن حيث طبيعة الفاعلية السلطانية في كلا النظامين بهذين الاداتين.
وأصل الاكتشاف هو التفسير الفلسفي للقرآن الكريم.
فآل عمران هي التي تعلل التحريف الديني بتحالف أصحاب الوساطة بين المؤمن وشأنه الأخروي (الكنسية في النظام الثيوقراطي) وأصحاب الوصاية بينه وشأنه الدنيوي (الحكم بالحق الإلهي فيه) وبرأت المسيح من توظيفة فيهما (آل عمران 79).
ولولا هذه الإشارة القرآنية في آل عمران لاستحال علي أن أكتشف هذه البنية العميقة.
والنظام الشيوعي رغم الإلحاد والعلمنة مع هذين البعدين في الثيوقراطي لا تخطئه بصيرة: وذلك هو القصد بالانثروبوقراطي.
فيكفي أن تعوض وساطة الكنيسة بوساطة الحزب الشيوعي والمرجعية الأخروية بالمرجعية الدنيوية وأن تعوض وصاية الحكم بالحق الإلهي لشعب مختار (في اليهودية) أو لأسرة مختارة (في التشيع) بوصاية الحكم بالحق الطبيعي لطبقة مختارة في الشيوعية هي البروليتاريا (طبقة العمال) حتى تكتشف أن النظام الشيوعي ليس إلا نظام “ثيوقراطي معلمن” عوض الله بالإنسان: ونفس الشيء حصل في اليعقوبية التي عملنت الكاثوليكية في الثورة الفرنسية.
ولا يمكن القبول بهذه الرؤية التفسيرية من دون أن يكون الدليل مستمدا من التجربة التاريخية التي تثبت وجود التحالف الفعلي في العمق بين الرؤيتين لوحدة البنية العميقة وللهدف من الوساطة والوصاية مع عدم نسيان مجال الوساطة لتحقيق نفس الوصاية حتى وإن أظهرا العداوة بينهما.
والفرق بينهما ينحصر في أن الوساطة في الثيوقراطيا تتعلق بالآخرة والوصاية بالدنيا في حين أن الشيوعية كلتاهما ت تعلق بالدنيا لنفيهم الآخرة.
وهو ما يعني أن كلا النظامين يهدفان إلى سلب ثروة الشعوب.
لكن أحدهما بخوار حول الآخرة والماورائيات الأخروية (الوعود بالجزاء الاخروي) والثاني بخوار حول الدنيا والماورائيات الدنيوية بوعود تجعل الدنيا ستصبح جنة في مستقبل المعلوم أن عكسه هو الذي تحقق.
وهنا أصل إلى هدفي من المحاولة وبه أحيل على ابن تيمية.
فكلا النظامين يتميز بالغاية -سلب ثروة الشعب -وبالأداة الكذب النسقي إما حول معجزات دينية كلها خرافية لا حقيقة لها أو حول معجزات دنيوية كلها خرافية لا حقيقة لها.
وقد سبق ابن تيمية فأعلن أن أكذب خلق الله هم الشيعة وأصدقهم الخوارج. وقال مجنون الهمذاني إن المعتزلة هم مخانيث خوارج على السنة مثل الخوارج الذين هم خوارج الشيعة.
لكنهم جبناء ومنافقون.
وأضيف إلى كلامه أن الشيوعي والعلماني يضاهي الشيعي في الكذب وقد يتفوق عليه: يغرقان توابعهم في الوهم.
لم أر في حياتي أكثر كذبا من اليسار والقوميين والمتشيعين بين نخب العرب. يكذبون أكثر مما يتنفسون. الشيعي يكذب على الله وعلى الأيمة وعلى العلم وعلى كل شيء.
والشيوعي يكذب مثله ولكن في الأمور الدنيوية وحتى في الأمور الأخروية التي يخفيها تظاهرا “بالعقلانية والحداثة” لأنه لو أصابته مصيبة لتبين أنه يؤمن إيمان العجائز بالأولياء والقبور.
وكل خبر روسي أو صيني يكون معدوما أو إن وجد فالكذب فيه جنيس نتائج الانتخابات العربية”99 من مائة.
وكل ما يقال عن كورونا وعدد المصابين بها في بلاد العرب وفي الصين وفي إيران وفي روسيا وفي كوريا الشمالية ينبغي ضربه في المائة أو أكثر لكي يكون قريبا من الحقيقة. وقس عليه كل الأخبار التي تسمعها من الاعلام العربي وسواء كان شيعيا أو سنيا لأن من كلفوا بالإعلام والاستعلام علمانيون وجلهم إما من شيعة العرب أو من مسيحييهم واغلبهم من لبنان وفلسطين ناهيك عن الأميين من الإعلاميين المصريين والتونسيين.
فما الذي أسقط الاتحاد السوفياتي؟
وما الذي أسقط كل الانظمة العربية؟
وما الذي سيسقط إيران؟
الكذب حتى على أنفسهم لأنهم لا يقنعون بأكاذيبهم إلا أنفسهم.
كلنا يعلم أن الاستعلامات الروسية والعربية لم تكن تقول الحقيقة لأصحاب القرار إما لخوف منهم أو لطمع فيهم.
فكانوا يكذبون عليهم بحيث إن أصحاب القرار يبنون قرارهم على معطيات كلها زائفة كما حدث في حروب العرب واقتصادهم.
هل يوجد من يصدق الاعلام العربي حتى بعد نكبة 67؟ كنت صبيحة 5 جوان 67 في قاعة الامتحان في اختبارات سنتي الجامعية الأولى في مادتي البايولوجيا وعلم النفس المرضي.
ولما خرجت وسمعت الاخبار ظننت أننا في المساء سنحتفل بتحرير فلسطين لأن الأخبار تكون عكس ما جرى تماما بأن الجيش المصري على أبواب تل أبيب. في اليوم الثاني صرنا نبكي على احتلال سينا إلى حدود القنال.
وكل المشروعات العربية في التنمية صفر على صفر.
قيل لنا إن العراق قوة صناعية وعلمية عظمى.
اكتشفنا خلال الحصار أنه كان عاجزا عن صنع أنابيب نقل النفط وانتاج غذائه ودوائه وسلاحه.
وأن عالمته في السلاح البايولوجي مجرد مساعدة لم يعرف لها اكتشاف أو نشر علمي: من جنس رئيس تونس في القانون الدستوري وهو مساعد لم ينشر شيء وليس له أطروحة أصلا.
ونفس الشيء في الجزائر.
كلاهما يستورد أكثر من 90 في المائة من غذائه.
الجزائر 4 مرات مساحة فرنسا. وهي تعيش على بئر بترول. وكل العرب مثلها.
والخوار يملأ الديار.
سيقال وما علاقة أنظمة العرب بالنظامين الثيوقراطي والانثروبوقراطي وهم في أنظمة عسكرية أو قبلية بدائية؟
فلا هم شيعة ولا هم شيوعيون. وهذا هو الظاهر.
في الباطن هو أن أصحاب القرار والإعلاميون والفنيون كلهم من أدعياء الحداثة ومن ذوي الفكر المزعوم يساريا وعلمانيا وليبراليا كما ترى الآن من هم حول صاحب المنشار.
وكلهم “صم بكم عمي فهم لا يعقلون” لأنهم لا علمانيون وشيوعيون ولا متدينون ثيوقراطيون لا اشتراكيون ولا رأسماليون بل كداؤون يقلدون مجتمعا استهلاكيا دون قدراته الانتاجية.
فالدول العربية تؤجر أفسد الاعلاميين لضرب الطبل والزمر لحكام في الظاهر وهم “غفراء” يزعمون أنهم أمراء.