المقالات

النخبة الدينية المغربية التقليدية(عبد الرحمن الشعيري منظور)

وتشمل إلى جانب مكون العلماء – الذي سنخصص لدراسته جميع فصول الدراسة بحثا وتقليبا لخصائصه وسلوكه السيىاسي، انطلاقا من المبحث الثاني الذي أفردناه لتدقيق مفهوم “العالم” في الحقل الدلالي الإسلامي، ولاستكشاف مؤسسات تكوينه وتخريجه في الحقل الديني المغربي– كلَا من :

  • الملك / أمير المؤمنين: هو زعيم النخبة الدينية الرسمية وأول العلماء[1] بمقتضى المشروعية الدينية والتاريخية المستمدة من وظيفتي: البيعة والنسب النبوي الشريف.كما يعد كذلك مصدرا للقيم الدينية[2] المطلوب الانضباط والامتثال لها في الحقلين السياسي والديني.

فمنذ أول دستور للبلاد سنة 1962 تم النص في الفصل التاسع عشر الشهير، على أن “الملك أمير المؤمنين، رمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين، والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات، وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة”.

وقد حافظ هذا النص الدستوري على قوته السياسية والقانونية والعرفية في جميع التعديلات الدستورية اللاحقة لسنوات (1970 – 1972-1992-1996)، إلى أن تمت إعادة صياغته لغويا، وتحويله ليتبلور في فصلين: الواحد والأربعون والثاني والأربعون في دستور فاتح يوليوز 2011، الذي جاء في سياق الحراك السياسي العربي والمغربي المطالب بإسقاط الفساد والاستبداد.

وبمقتضى هذين الفصلين اللذين أزاحا الهيبة والشهرة عن الفصل التاسع عشر من الوثيقة الدستورية المغربية، مازال الملك/ أمير المؤمنين فعليا، هو رئيس السلطة الدينية والمدنية في الدولة.[3]

فالفصل 41 من الدستور الحالي ينص على أن الملك،” أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية ، ويرأس المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه، كما يعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة وتحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير.

يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل بواسطة ظهائر”.[4]

بينما يحدد الفصل 42 من دستور2011 الصلاحيات الدستورية للملك بصفته رئيسا للدولة، ف”الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة.

الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.

يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.

توقع الظهائر بالعطف من قبل رئيس الحكومة، وما عدا تلك المنصوص عليها في الفصول 41 و44  (الفقرة الثانية) و47 (الفقرتان الأولى والسادسة) و51 و57 و59 و130 (الفقرتان الأولى والرابعة) و174″[5].

ويقوم الملك /أمير المؤمنين كفاعل مركزي ضمن النخبة الدينية المغربية وحائز للسلطة الروحية الملزمة في النسق السياسي الرسمي بمجموعة من الوظائف التي تعكس تمثله المستمر للزعامة الدينية، من أبرزها:

  1. رئاسة المجلس العلمي الأعلى والاشراف العام على هيئة الإفتاء.
  2. التعيين في الوظائف الدينية (وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء …)
  3. الحضور الشخصي في المناسبات ذات الطابع الديني: حضور صلاة الجمعة، إحياء ليلة القدر والمولد النبوي، ترؤس الدروس الحسنية، القيام بشعائر ذبح الأضحية وتدشين المساجد.
  4. رئاسة اللجنة الملكية للحج والدعوة إلى صلاة الاستسقاء في فترات الجفاف.
  5. التشريع والتنظيم في الحقل الديني كمجال محفوظ بواسطة الظهائر.
  6. إرسال ممثليه من الديوان الملكي لحضور المواسم وزيارة الأضرحة.
  7. السهر على التجديد السنوي لمراسيم وطقوس البيعة.
  8. التحكيم في النزاعات السياسية والمجتمعية (مدونة الأسرة نموذجا).
  9. بعث رسائل التهنئة لرؤساء وملوك وأمراء الدول الإسلامية، في المناسبات الدينية.[6]
    1. مستشارو الملك في الشؤون الدينية: يشكل مستشارو الملك بصفة عامة حلقة وصل بينه وبين وزراء الحكومة، فمن بين عناصر الفريق الاستشاري للملك، نجد حضور صفة مستشار الملك في الشؤون الدينية داخل البلاط الملكي، باعتباره مساعدا ووسيطا له مع وزارة الأوقاف والعلماء وباقي مكونات النخبة الدينية، كما يقوم المستشار الديني للملك بتمثيله في المناسبات الدينية والعلمية  التراثية داخل المغرب وخارجه.

وقد اشتهرت في عهد الملك الحسن الثاني شخصيتان وازنتان في تقلد مهمة مستشار الملك في الشؤون الدينية وهما السيدان: أحمد بنسودة وعباس الجيراري، وإبان وفاة الأول سنة 2008،[7] استمر عباس الجيراري في تقلد هذه المهمة في عهد الملك محمد السادس بالإضافة إلى محمد الكتاني العميد السابق لكلية الآداب بتطوان وعضو أكاديمية المملكة المعروف كذلك بإنتاجه العلمي والديني.[8]

إجمالا، يقوم مستشار الملك في الشؤون الدينية كعضو في النخبة الدينية التقليدية الرسمية بتبليغ تعليمات وتوجيهات الملك /أمير المؤمنين لمختلف مكونات النخبة الدينية المؤسساتية مثل الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، مدير دار الحديث الحسنية وغيرهم. كما يسهم التكوين الديني واللغوي والتاريخي للمستشار الديني في انضمامه لـ”الأنتلجنسيا التقليدية داخل القصر” المختصة في تدبيج الخطب الملكية ذات الطابع الأكاديمي والتاريخي، وفي الحضور نيابة عن الملك في تمثيل الدولة في المحافل العلمية المهتمة بالتراث العربي والإسلامي.

  •  وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: هو أبرز شخصية ضمن أعضاء النخبة الدينية الرسمية بعد أمير المؤمنين، لما يمتلكه من ثقل سياسي وقانوني في توجيه السياسة الدينية الوطنية وفقا للتوجهات العامة للمؤسسة الملكية.

ويعمل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفته مسؤولا عن إدارة مرفق عمومي مختص بالمجال الديني[9] على نحت المفاهيم الأساسية الناظمة للعمل الديني الرسمي وللفاعلين الدينين في مؤسسات الحقل الديني، سواء من خلال افتتاحه للدروس الحسنية أو من خلال قراءته للرسائل التوجيهية نيابة عن أمير المؤمنين إبان حضوره للمناسبات الدينية الرسمية المختلفة.

كما يعرف النسق السياسي المغربي بروزا كبيرا لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية كفاعل ديني – إداري وعضو في النخبة الحكومية والسياسية، نظرا لارتباطه العضوي بالمؤسسة الملكية وصفتها الدينية إمارة المؤمنين، ولتقلده مهمة تدبير “المقدس” كحقل تتصارع بداخله مجموعة من الرهانات والمؤسسات، ولربما هو من أكثر الحقول المجتمعية انفتاحا على الصراع الخفي والظاهر، وذلك لأن صراعاته تتوجه بالأساس إلى سؤال المشروعية والاستمرارية في نظام الحكم بالمغرب[10].

وقد أنيطت مسؤولية الاشراف على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ تأسيسها العملي (إدارة الأحباس سنة 1955) إلى شخصيات مختلفة تميزت في الغالب بعدم تحزبها السياسي، وطول مكوثها في المنصب الحكومي، إذ يتميز وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية بكونهم الأكثر استقرارا في الحكومات المتعاقبة على تدبير شؤون المغرب.[11]

قضى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبد الكبير العلوي المدغري في مهمته الوزارية بعد تولي الملك محمد السادس الحكم حوالي ثلاث سنوات ونصف، عمل فيها على ترسيخ نموذج الوزير “الفقيه” المنافح عن صلاحياته السياسية في خدمة إمارة المؤمنين، ولو على حساب مبدأ التضامن الحكومي، وقد تجلى ذلك بوضوح في قضية الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وما عرفته من معارضة صريحة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقيادة العلوي المدغري.[12]

تراكم تجربة الوزير “الفقيه” في خدمة “الإسلام المغربي” وإمارة المؤمنين لحوالي عقدين من الزمن، لم تعفه من الاقالة من قبل الملك محمد السادس سنة 2002، ليتم تعيينه بعد ذلك كاتبا عاما لوكالة بيت مال القدس إلى حين وفاته. ويمكن إجمال أهم عوامل إقالة عبد الكبير العلوي المدغري فيما يلي:

  • زجٌه بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في صلب الصراع السياسي والحزبي حول خطة إدماج المرأة في التنمية، وما سببه ذلك من احراج لصورة التضامن الحكومي لحكومة عبد الرحمن اليوسفي.
  • أحداث 11 شتنبر 2001 وما واكبها من تداعيات وطنية من خلال انخراط الدولة في مواجهة التيار السلفي أمنيا خاصة بعد أحداث 16 ماي بالبيضاء بعد عقود من التعايش مع منبعه الأم الوهابية المغربية (الشيخ المغراوي وقبله الشيخ تقي الدين الهلالي…).
  • رغبة المؤسسة الملكية في مواجهة التيار السلفي خاصة “الجهادي” وذلك بتشجيع وتوظيف الطرق الصوفية، مما عجَل بتعيين الأستاذ الجامعي والمؤرخ المعروف بميولاته الصوفية أحمد التوفيق الذي عمل منذ توليه مسؤولية الأوقاف والشؤون الإسلامية على نهج “سياسة دينية” هيمن عليها طابع الضبط والتدبير، وسميت رسميا وإعلاميا بإعادة هيكلة الحقل الديني.

وقد تأسست المقاربة التوفيقية-نسبة للوزير احمد التوفيق-في ضبط وتدبير الحقل الديني على ست ركائز:

  1. مواجهة التيارات الإسلامية المعارضة للتوجهات السياسية والدينية خاصة التيار السلفي الجهادي وجماعة العدل والإحسان.
    1. محاولة التأسيس لسياسة عامة دينية في الحقل الديني عن طريق تحديد الأولويات وصوغ البرامج والأهداف في مختلف مجالات تدخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
    1. التركيز على الضبط المؤسساتي لاختلالات مرحلة تدبير العلوي المدغري، خاصة في مجالات: الافتاء – الإعلام الديني – تكوين الأئمة – المجالس العلمية.
    1. محاولة تشبيب النخبة الدينية الرسمية (المجالس العلمية والرابطة المحمدية، الوعاظ والمرشدات…).
    1. التركيز الواضح على الخصوصية المغربية للتدين المغربي خاصة في مجالي الفقه المالكي والتصوف من خلال الانتاج الإعلامي الديني الرسمي بمختلف أنواعه المرئي والمكتوب والالكتروني.
    1. نهج مقاربة تنظيمية تقوم على تقنين الممارسات والسلوكيات الدينية للمغاربة سواء في فضاء المساجد أو في مبادرات بناء هذه الأخيرة، أو في الفعل الوقفي والافتاء المرتبط بالشأن العام[13].
      1. شيوخ الزوايا: يرتبط شيوخ الزوايا بالتصوف المغربي الذي تعود جذوره العميقة إلى بداية مرحلة الفتح الإسلامي. وبتطوره التلقائي في البيئة المغربية شكل التصوف كنمط اجتماعي للتربية الروحية، استمرارا لظاهرة الزهد التي عرفها التاريخ الإسلامي، والتي اصطبغت في تاريخ المغرب الأقصى بوجود نخبة شيوخ الزوايا الذين عرفوا في المخيال الشعبي المغربي برجال الله والأولياء والصالحين.

ويتمتع الصلحاء كمكون متميز ضمن النخبة الدينية المغربية بمشروعية دينية واجتماعية عميقة وقوية[14] جعلتهم يتبوؤون مكانة سامقة في التوجيه التربوي للمجتمع المغربي، كما أدت ببعضهم فترات ضعف السلطة المركزية إلى التطلع للحكم، كما حصل في القرن السابع عشر ميلادي مع الزاوية الدلائية[15] ومع الزاوية الكتانية بقيادة شيخها محمد عبد الكبير الكتاني في معارضته الصارمة للسلطان عبد الحفيظ في المطلع القرن العشرين.

وإذا كان شيوخ الزوايا (الصلحاء) قد ساهموا في صوغ المعادلة السياسية المفرزة للسلطة الحاكمة عن طريق حضورهم الفاعل إلى جانب العلماء في دعم السلطان أو خلعه من خلال توظيف آلية البيعة، أو بتوفير الدعم المجتمعي للسلطان خاصة في القبائل، فإنهم لم يعد لهم في المغرب الراهن نفس المركز السوسيوسياسي المؤثر بعمق في بنية المجتمع والدولة[16]، بقدر ما أصبحوا فاعلا دينيا تابعا بشكل مطلق للمؤسسة الملكية، مساهما في ترسيخ مشروعيتها الدينية والشرفاوية[17].

ومن أبرز شيوخ الزوايا الذين ساهموا في التأطير الديني للمجتمع وكان لهم تأثير في الحقل السيــــــاســــــــــــــــــي الراهن، نذكر: الشيخ الراحل حمزة بن الحاج العباس شيخ الطريقة البودشيشية وخليفته جمال القادري بوتشيش، والشيخ الغالي بن عرفة شيخ الطريقة الحراقية الدرقاوية، والشيخ الراحل عبد الله التليدي شيخ الطريقة التليدية الصديقية الدرقاوية، والشيخ يوسف الكتاني شيخ الطريقة الكتانية والشيخ محمد الكبير بن أحمد التجاني الذي تم تعيينه من قبل الملك / أمير المؤمنين كشيخ للطريقة التجانية بالمغرب يوم 27 فبراير 2009.  ويعد هذا التعيين أول سابقة في تاريخ علاقة السلطة السياسية بالمغرب بالزوايا، إذ كان السلاطين والملوك يكتفون بإصدار ظهائر التوقير والاحترام فقط في حق شيوخ الزوايا، ولا يتدخلون في تعيين خلفهم بشكل مباشر ورسمي.

  • الشرفاء: ترتكز شرعية السلطة بالمغرب بشكل لافت على أرضية الشرف والانتماء للبيت النبوي، فبالرغم من غياب محدد الانتماء الشريف كشرط متفق عليه لتولي الحكم في النظرية السنية، فإننا نجد له حضورا كبيرا في عملية تولية الملك في التجربة المغربية، وفي الدعاء للملك في خطب الجمعة، وكذا في الشعائر الدينية التي تمارس على طول السنة الإسلامية، ففي كل هذه التجليات يكرس وجود الشرفاء، فهم دوما بحسب الانثربولوجي المغربي عبد الله حمودي “أول الشهود الذين يذكرون في التاريخ السياسي المغربي في البيعة بسبب الحظوة التي يضفيها عليهم نسبهم، ولقربهم الاستراتيجي من السلالة الحاكمة “العلويون”. وبما لهم من احترام كبير في أوساط عامة الشعب خاصة في أضرحة كبار الشرفاء (مولاي ادريس زرهون، وابنه ادريس الثاني بفاس، ومولاي عبد السلام ابن مشيش، وسيدي احماد أو موسى) وقد كانت للشرفاء أدوار اجتماعية وسياسية متميزة، خاصة في فترات النزاعات والاضطرابات التي كانت تحصل في البوادي والحواضر، مما أدى بهم إلى حد التدخل والتوسط بين السلطان ورعاياه كشرفاء وزان مثلا”[18].

وإذا كان التاريخ السياسي والديني قد حفظ للشرفاء قوة حضورهم وتأثيرهم في المجتمع المغربي ودواليب الدولة السلطانية المخزنية بما جعلهم -خاصة المنتمين للفرع الحسني والمقربين منهم من العلويين / الحاكمين- ضمن النخبة الدينية المساندة للسلطان الشريف سياسيا ودينيا، والمستفيدة من امتيازاته في شكل هدايا عمومية أو خصوصية أو بإعفائهم من تأدية الضرائب[19]، فإنهم منذ بداية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لم يعد لهم نفس التأثير الديني والسياسي في مؤسسات المجتمع والدولة، بقدر ما أضحوا يمثلون العمق التاريخي للنظام السياسي المغربي، الذي يقابل سندهم الرمزي بالدعم المادي لمراسيم الشرفاء وأضرحتهم، الأمر الذي شجع بعض العائلات الشريفة الكبرى ذات الأصول الحسنية أو الحسينية على الانتظام في روابط للشرفاء[20] لتحظى باحتضان ودعم السلطات في الأقاليم والعمالات؛ من خلال استدعاء “نقباء الشرفاء” بتعدد أنسابهم للحضور في المناسبات الرسمية الوطنية والمحلية.

ويحضر ضمن فئة الشرفاء كجزء بارز ضمن مكونات النخبة الدينية المغربية، الملك  أمير المؤمنين الذي يعتبر أبا للشرفاء ورمزا لهم على رأس قمة الهرم السياسي للدولة، ولا يفتأ الملك / الشريف يذكر بانتمائه إلى “آل البيت” في مختلف خطبه بتوظيفيه لعبارات مثل : “جدنا الكريم” في إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم “وأسلافنا الميامين”، كما نستحضر في هذا المضمار الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية لسنة 2002 الذي اعتبر فيه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق حكم المغرب هو أمانة بيد الشرفاء، استودعته لهم الأمة بتوجيه الصلحاء وذلك بقوله: “وها أنتم يا مولاي، وقد أخذتم دفة سفينتها (أي الأمة المغربية باللغة السياسية الرسمية) وتسلمتم أمانتها بتجل رباني ظهر في إجماع الشعب. أمانة تسلمتموها مطوقين بالبيعة والعهد، مستعينين بالصبر والصلاة، تقعدون مقعد الوارث الكامل الذي استودعته هذه الأمة في شجرتكم منذ أن أضفت لتوجيه صلحائها، وألقت للشرفاء بأزمتها لا، ليكونوا كالحكام أو ملوكا كالملوك”[21].

  • الفقهاء والخطباء: هم أكثر أعضاء النخبة الدينية تغلغلا في أوساط المجتمع المغربي؛ إذ يعدون بعشرات الآلاف،[22] حيث يسهرون على أداء وظيفتهم الدينية في مختلف مساجد وزوايا المملكة من خلال إمامة المصلين، وتحفيظ القرآن الكريم، وإلقاء خطب الجمعة، ومشاركة الناس في مناسباتهم الاجتماعية كالجنائز والعقائق  وغيرهما.

ورغم التفاوت الطبقي الحاصل في شريحة الفقهاء والخطباء، وغياب إطار تنظيمي وطني جامع لجهودهم ومؤطر لعملهم[23] ولستمرار خضوعهم لرقابة صارمة من قبل وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية، فإنهم مازالوا يؤثرون في المجتمع المغربي بقوة على مستوى التوجيه الفقهي وانتاج المعرفة الدينية[24]، نظرا لتواصلهم الأسبوعي من خلال خطبة الجمعة مع ملايين المواطنين، وتأطيرهم المتواصل خلال أيام الأسبوع لرواد المساجد بواسطة الدروس الفقهية، وإشرافهم على التدريس في أسلاك التعليم الديني سواء في المعاهد العصرية النظامية أو التقليدية.

ولم تؤثر التحولات المجتمعية العميقة التي عرفها المغرب على كافة الصعد خاصة الدينية والثقافية والاجتماعية،  في مكانة “الفقيه” إذ ما زال يحظى لدى «الجْماعة» أي المرتادين المستمرين لمسجد الحي، المؤدين “للشرط”[25] بالكاريزما الأخلاقية والفقهية، إذ تختاره لأداء وظائفه الدينية بعد موافقة السلطات الإدارية الإقليمية (العمالة) والدينية (مندوبية الأوقاف والمجلس العلمي المحلي) وفقا لشروط صارمة، كأن يكون الفقيه متزوجا، ومتمكنا من أساسيات العلوم الشرعية، وحافظا للقرآن والأحاديث النبوية، ذا أخلاق حسنة، ويتقن ضوابط الإمامة ويتولى الخطابة وتدريس “الطلبة” ويسهر على تنظيم الحزب الراتب من القرآن الكريم بعد صلاتي الصبح والمغرب كما جرت العادة بذلك بمساجد المغرب[26].

  •  طلبة العلوم الشرعية (الطٌلْبة): يشكلون بكثرة عددهم كتلة كبيرة، وقاعدة اجتماعية واسعة في الحقل الديني المغربي، فقد سبق أن صنفهم المفكر السياسي الفرنسي الراحل “ريمي لوفو” في معرض دراسته عن تأثير النخب التقليدية في النسق السياسي المغربي خلال السنوات الأولى للاستقلال ضمن المثقفين ذوي التكوين التقليدي، الذين تميزوا في تاريخ المغرب -بعد حصولهم على التكوين الديني المؤسس على حفظ القرآن الكريم والمنظومات الفقهية المالكية في المعاهد العتيقة-، بانتشارهم عبر ربوع البلاد بصفتهم مدرسين للقرآن، أو عدولا أو كتابا لدى القواد، وقد كان منهم من يحصل على ثقافة أكثر عمقا، مما يتيح لهم الاندماج ضمن هيئة العلماء (ulamas)[27] .

يدرس أغلب طلبة العلوم الشرعية (الطٌلْبة) بالتعليم الديني في المعاهد التقليدية، التي أصبح معظمها خاضعا لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ولارتباطهم بالفقه في الدين تعلما وممارسة، ولما يشكلونه كفئة دينية استراتيجية عددا من قوة داعمة لحيازة المشروعية الدينية في المجتمع، فإنهم صاروا مصدر استقطاب واحتواء من قبل كل الفاعلين الدينين، خاصة من قبل الجهاز الديني الرسمي للدولة والجماعات الإسلامية الكبرى، وهو الأمر الذي يظهر جليا في التنافس القائم بينهما حول امتلاك المخزون الرمزي الذي يمثله الطُلبة والذي ينصب أساسا على تنظيم وتدبير قطاع التعليم العتيق باعتباره مصدرا رئيسا في إنتاج هذه الفئة الشابة من النخبة الدينية المغربية[28].


[1]  – ريمي لوفو ، الإسلام والتحكم السياسي في المغرب، مجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي عدد 13-14، سنة 1991-1992 ص 170.

[2] –  محمد المعتصم، التطور التقليداني للقانون الدستوري المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء 1988 ص  157.

[3] – نستحضر في هذا السياق نموذجا لتفسير العقل الديني والسياسي الرسمي لحيازة الملك أمير المؤمنين مقاليد السلطتين الدينية والمدنية (رئاسة الدولة)، إذ ترافع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق بقوة للدفاع عن تداخل السياسي والديني في مقام أمير المؤمنين في افتتاح الدروس الحسنية الرمضانية لسنة 2004 بدرس معنون بـ: “تدبير العلاقة بين الدين والسياسة”، فقد وظف الوزير في مداخلته مختلف إمكانياته العلمية التاريخية والصوفية في التأصيل لجمع إمارة المؤمنين للسلطتين الدينية والسياسية، وقال: في معرض حديثه بإن النظام السياسي في المغرب هو محل إجماع الأمة لمشروعيته الدينية في المقام الأول … فالعلاقة بين الدين والسياسة ليست مطروحة في مستوى الاختيارات المحسوم فيها، وإنما هي مطروحة على مستوى الممارسة التعاملية للفاعلين في الميدانين الديني والسياسي، حيث السياسة نشاط تطبيقي يحاول حل مشاكل محسوسة تعرض للمجتمع مع مراعاة الظروف … مقام أمير المؤمنين الديني والسياسي، الذي لا ينفصل الأمران في أي عمل من أعماله، فهو عندما يأمر ببناء مدرسة أو عندما يدشن مسجدا أو يخطط لمرسى أو يشيد سدا لا يميز في عمله بين ما هو ديني وما هو سياسي، فالتاريخ والوحي في أفقه وشخصه مندمجان متلازمان” انظر النص الكامل للدرس الحسني في الموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية www.habous.gov.ma       

[4] – دستور فاتح يوليوز 2011، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.

[5] – نفس المرجع.

[6] – للمزيد من الاطلاع حول آليات اشتغال مؤسسة إمارة المؤمنين في الهيمنة على مجريات النسق السياسي المغربي وخاصة الحقل الديني منه، انظر:

– Mohamed Darif, Commanderie des Croyants : Outile de L’étalisation en Ouvrage : Monarchié Marocaine et acteurs Religieux. Ed. Afrique Orient 2010 pp : 13 -26.

– عبد الرحمان الشعيري منظور، إمارة المؤمنين في دستور 2011، قراءة في البنية والتوظيف، مجلة وجهة نظر العدد: 50 خريف 2011 ص ص  9 -11.

[7] –  قبل وفاته أحيل المستشار أحمد بنسودة على التقاعد بسبب مرضه، وقد كانت لظروف نشأته في أسرة علمية مشهورة بعلمائها في القرويين بفاس أثر كبير في تكوينه الديني مما جعله محل ثقة الملك الراحل الحسن الثاني الذي عينه في البداية مديرا للديوان الملكي ثم مستشارا له، انظر بتفصيل مقالا حول ثلة من شخصيات النخبة الدينية المغربية وخاصة منها الرسمية، لمحمد فاروق النبهان المفكر الإسلامي السوري والمدير السابق لدار الحديث الحسنية بالرباط بعنوان “أصدقائي المغاربة” بموقعه الإلكتروني الرسمي www.dr-alnabhan.com  

[8] – يعد الرجلان إلى حد الآن من أبرز مستشاري الملك محمد السادس في الشؤون الدينية بناء على نشاطهما الأكاديمي وحضورهما في تمثيل الملك في المحافل الدينية والعلمية التراثية، ولتواصلهما على ندرته مع الإعلام المكتوب في مجال التاريخ والمعرفة الدينية. انظر حوارهما مع مجلة الإحياء التابعة للرابطة المحمدية للعلماء:

       – حوار مع محمد الكتاني: عدد 27 سنة 2008.

       – حوار مع عباس الجيراري: عدد مشترك 30/31 سنة 2009.

ونظرا لعدم وجود قانون تنظيمي مؤطر لعمل المستشارين الملكيين، فإن عملية تصنيف مهماتهم  في الحقلين السياسي والاعلامي تتأسس غالبا بناء على تخصصهم العلمي ومجال بروزهم الإعلامي والعلني.   

[9] –  Tawfik Bouarif, l’action du ministére des habous et des affaires islamiques, sous le nouveau régne Mémoire pour l’obtention du diplôme des études supérieurs approfondis. droit Public. Université Mohammed v.Faculté des Sciences Juridiques Economiques et Sociales Agdal 2004-2005 p 20

[10] – عبد الرحيم العطري، النخبة الدينية خلال 16 ماي ورهانات الترويض والاحتواء في كتابه، صناعة النخبة بالمغرب، المخزن والمال والنسب والمقدس طرق الوصول إلى القمة، منشورات دفاتر وجهة نظر عدد: 9 مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى 2006 ص  176.

[11] – تعاقبت عدة شخصيات على تحمل مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ تأسيسها، محمد المختار السوسي (1955-1956)، علال الفاسي (1963-1961)، أحمد بركاش (1972-1963)، المكي الناصري (1972-1974) والداي ولد سيدي بابا (1977-1974)، أحمد رمزي (1972-1977)، الهاشمي الفيلالي (1981-1983)، عبد الكبير العلوي المدغري (1983- 2002) أحمد التوفيق منذ سنة 2002 إلى الآن، وقد احتفظ هذا الأخير بمنصبه رغم الحراك الشبابي والسياسي الذي عرفه المغرب بعد بروز حركة 20 فبراير وقيام النظام السياسي المغربي بمراجعة دستورية في فاتح يوليوز 2011، مما يكرس الطابع السيادي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

[12] – سليم حميمنات، السياسة الدينية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب 1984 – 2002. أطروحة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال الرباط 2008 – 2009 ص  55.

[13] – انظر قراءة في تجربتي وزيري الأوقاف والشؤون الإسلامية ، عبد الكبير العلوي المدغري وأحمد التوفيق في مقال، عبد الرحمن الشعيري منظور، الفعل الديني الرسمي: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نموذجا. مجلة رهانات العدد: 10 ربيع 2009 ص ص  34 -36 .

[14] – محمد المغراوي، العلماء والصلحاء والسلطة بالمغرب والأندلس في عصر الموحدين، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط 2001 – 2002 ص  473.

[15] –  Abdellah Laroui, les Origines sociales et culturelles du nastionalisme marocain (1830-1912). Ed, Maspero.Paris.1977 p :132

[16] –  تراجع التأثير المجتمعي لشيوخ الزوايا بعد الاستقلال بفعل بروز الحركة الوطنية ذات الميول السلفية بدءا والوطنية فيما بعد، ثم لتطور مؤسسات الدولة الحديثة بالمغرب وتوسع الإدارة على حساب الأدوار التقليدية للزوايا وشيوخها خاصة في التأطير الاجتماعي. كما ساهم كذلك ظهور الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ثم الحركات الإسلامية في ترسيخ المسار التراجعي للفعل الديني لشيوخ الزوايا، لينحصر في أداء وظائف رمزية وتبركية موسمية (مواسم الأولياء، إحياء ذكرى المولد النبوي ). وحول تأثير بروز الحركة الوطنية في الحد من النفوذ المجتمعي للزوايا وشيوخها انظر، نور الدين الزاهي، الزاوية الإسلام والسياسة في المجتمع المغربي، افريقيا الشرق. الطبعة الثانية 2003 ص ص  59 – 86. 

[17] – تقوم الزوايا بقيادة شيوخها بدعم كل المبادرات الملكية خاصة في الفترات السياسية الحرجة. وفي هذا المضمار دعمت كل الزوايا في” إجماع زاوياتي” لم يسبق له مثيل منذ تأسيس الدولة الإدريسية، دستور فاتح يوليوز 2011، إذ أصدرت كل من الزاوية الحراقية الدرقاوية والعلوية بيانين لدعم مشروع الدستور والمؤسسة الملكية ومشروعيتها الدينية، في حين ارتأت الزاوية البودشيشية بما تمتلكه من نفوذ شعبي ودعم رسمي متزايد، النزول إلى الشارع في مسيرة حاشدة داعمة للدستور، يوم الأحد 26 يوينو 2012 بالدار البيضاء بزعامة حفيد شيخ الزاوية منير القادري بودشيش.    

[18] – عبد الله حمودي، الشيخ والمريد، النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال، الطبعة الثالثة 2003 ص  93. 

[19] Abdellah Laroui, Les Origines sociales et culturelles du nastionalisme op. cit :95

[20] – من أبرز روابط الشرفاء التي تتوفر على مقرات في العديد من المدن المغربية، وتعمل على توزيع بطائق انخراط لمنتسبيها نجد الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة وأبناء عمومتهم بالمغرب، وتثير هذه البطائق التي تطلب لحاملها ضرورة الاحترام والتوقير لنسبه الشريف إحراجا قانونيا وحقوقيا للدولة، بل وتمس جوهرها المبني على ضرورة وجود دولة قانون بالمعنى الشامل والكامل للكلمة تسودها المساواة في الحقوق والواجبات، انظر عبد اللطيف أكنوش، السلطة والمؤسسات السياسية في مغرب الأمس واليوم، مكتبة بروفانس. الدار البيضاء، 1988 ص  180. 

[21] – مقتطف من الدرس الحسني للوزير أحمد التوفيق بعنوان: النسب الشريف والسند الصوفي في تاريخ المغرب، يوم 7 رمضان 1423 الموافق 12 نونبر 2012. منشور في سلسلة الدروس الحسنية في الموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: www.habous.gov.ma  

[22] – حسب تصريح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق في اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بالبرلمان يوم الاثنين 26 مارس 2012، يبلغ عدد الأئمة أي الفقهاء والخطباء بالمغرب 46 ألف فردا. جريدة التجديد عدد 2862، الأربعاء 28 مارس 2012.

[23] – عرف النسق السياسي المغربي خاصة بعد بداية الشطر الثاني من إعادة هيكلة الحقل الديني سنة 2008 المؤطر بعنوان مبادرة ميثاق العلماء، بروز إطار تنظيمي للأئمة والفقهاء وينحدر أغلبهم من جنوب المغرب باسم: الرابطة الوطنية لأسرة المساجد بالمغرب، نظمت العديد من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية بالعاصمة الرباط للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والقانونية للأئمة والفقهاء، وكانت أبرزها مسيرة 14 أبريل 2011 ، ويترأس الرابطة الإمام محمد سمير، ويتولى الحديث باسمها إعلاميا كاتبها العام الإمام عبد العزيز خربوش. انظر للمزيد من الإطلاع الموقع الالكتروني الرسمي لرابطة الأئمة والفقهاء: www.osratalmasajid.com  

[24] – رغم وجود تنافسية حادة في تصدير المعرفة الدينية خاصة مع تطور التكنولوجية الحديثة المسهلة للولوج للمعلومة الدينية (الفضائيات + شبكة الأنترنيت بمختلف مواقعها) فإن الفقهاء بحسب دراسة الإسلام اليومي لازالوا يحتلون المرتبة الأولى كمصدر للمعرفة الدينية بالنسبة للمواطن المغربي بنسبة 39,8% للرجال و 11,2% بالنسبة للنساء. انظر.

Mohamed El Ayadi, Hassan Rachik, Mohamed Tozy, Islam Quotidien Sur Les Valeurs Pratiques Religieuse Au Maroc. Ed. Prologues, Religion et Société 2007p :196

[25] – الشرط في اللغة الفقهية المغربية هو: “تعاقد عرفي بين الجماعة والفقيه يلتزم بمقتضاه هذا الأخير بالقيام بالإمامة وتعليم للأطفال وطلبة القرآن، وكذا القيام بالخطابة يوم الجمعة، في مقابل التزام الجماعة  بأداء مقابل نقدي أو عيني يحدد شهريا أو سنويا حسب ما تقضي به الأعراف والعادات، التي تختلف بتعدد المناطق، كما قد يتضمن الشرط التزامات أخرى ملحقة مثل أداء “النوبة  وهي: مساعدة غذائية تؤدى إلى الطلبة لمساعدتهم على الدراسة أو كتحديد حصص من الحصيلة الزراعية لكل فرد من أعضاء الجماعة لتغطية مصاريف المسجد”.

[26] – انظر بتفصيل المهام الموكولة للفقيه ومسؤولياته في المسجد في وثيقة: دليل الإمام والخطيب والواعظ الذي أعدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمثابة قانون داخلي للمساجد سنة 2006 ص  174- 179.

[27] – ريمي لوفو، الفلاح المغربي المدافع عن العرش، ترجمة محمد بن الشيخ ومراجعة عبد اللطيف حسني منشورات وجهة نظر، سلسلة أطروحات وبحوث جامعية: الطبعة الأولى 2011، ص  105.

[28] – حول نمط دراسة طلبة العلوم الشرعية المغاربة “الطُلبة” وارتباطهم التاريخي بالمدن العلمية الكبرى كفاس ومراكش، وعلاقتهم التراتبية بالشيوخ / العلماء والفقهاء، انظر:

– Abdellah Laroui, Les Origines sociales et culturelles du nationalisme marocain. op.cit pp : 196 – 197 – 201.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق