الوجود المشروط والإنسان الأخير (عبد الحق دادي)
اليقظة هي أن تعرف نفسك، أن تعي من أنت.. وماذا جئت لتفعل في هذا الوجود”. هكذا تحدثت الكاتبة الأمريكية Esther hick المتخصصة في الكتابة للأطفال، وقانون الجذب، ولست مهتما بهذا الوهم المسمى بالجذب بقدرما أردت أن أجذب القارئ الذي لا يستحسن ذهنه، ويشمئز من أن تبدأ حديثك بآية قرآنية أو حديث نبوي، وما يلبث إلا وقد هب ينزع عنه صفة العلمية، وعَيَّثَ في هدم أركانه يَلْفِقُ شُقَقَ الأكاذيب ويَخيط بعضها لينشئ تِلْفاقاً يستبشر به، قال الله العظيم: ((وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)).
إن هذا البيان الأزلي يخرق كومة الأزمنة المتراكمة، ويشق سديمها، ويكشف سفه العقل الممتد إلى ما وراء حدوده؛ حيث يصف هذا البؤس العنيد والخزي الوجودي في الآية 66 من سورة النمل: ((بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ۖ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ)). ويستمر البيان القرآني في هذه السورة العظيمة-وكل كتاب الله عظيم-في زعزعة قيم الأنانية، والتبكيت والغلبة والحجة، مُزَرِّياً عليهم بحقيقة الوجود: ((أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ)) واصلا بيانَه بالنفي والإثبات بكل صفات الخزي(بل هم قوم يعدلون. بل أكثرهم لا يعلمون. قليلا ما تذكرون. تعالى الله عما يشركون. قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين…). إن هذا البيان المعجز يفكك حلقات سلسلة الوهم الملتفة على العقل الجاحد والفهم الملحد لمضامين الخطاب ، لهذا لا يكتسي هذا التنوع والتعدد أية غرابة؛ إذ هو وصف لأنماط ومدارج وأنواع الأقفال، ثم إن هذا التنوع والاختلاف في الخطاب هو وسم للتفريعات وكشف للجيوب المظلمة في التلبيس التراكمي لمنبع الشر وأساسه(الشيطان)، ومن ثم فهذا البيان هو تشقيق للمفاهيم، كما حدده (دومنيك مانغونو) في نظره لتحليل الخطاب بوصفه للغة في حالة الاستعمال بحديها: معطيات البداية وملحقات النهاية.
إن هذه التشقيقات تشير إلى تحديد الإنحرافات التي أسهمت في نشأة هذه البنية التراكمية؛ حيث تتحول الملاحظة العاجزة إلى مقررات بديهية تحصلية ويقينية. وبمرافقة لهذه التفرعات المحكومة بالاتساق والانسجام، حيث يحيل السؤال على المقررات العينية، وبالتالي فقوامها العلاقات الوظيفية الموجودة في الكون، في حين يقرر القسم الثاني وظيفة إذعانية لسيرورات إدراكية.
إن كل هذه المحددات تحيلنا على تحديد الأطر المعرفية التي تبيح لنا حراكا منهجيا لمراجعة المفاهيم والوقوف عند الصيرورة التاريخية ،من الجعل والقطع، والسيرورةمن التوجه والامتداد، للمحطات المتعاقبة التي التي تعيد نفسها بنفس المعنى؛ وكأنه النص نفسه أضيف إليه السياق، فالمتأمل في الأسس المعرفية ووحدات الخطاب يدرك أن البيان القرآني يتجاوز تحديدات كل من (أوستين-1952) و (سيرل-1969)؛ حيث يعتبران الخطاب مصدر التحديدات الزمنية والمكانية بوصفه قائما على الوظيفة التفاعلية، وعلى هذا النحو توجَّب علينا النظر في البيان القرآني بمحددات الوجود المشروط؛ وهو اقتضاء برهاني ناجز عبر تواز متسلسل يمتد إلى توازن وجودي عبر ثنائية دلالية الخالقية والمخلوقية، وتوازن أخلاقي يحدد أنماط القيم والهوية، يليه توازن سلوكي عبر أنماط السلوك الفردي والاجتماعي، ثم توازن استدلالي يعتمد أنماط المخاطبات في الاستدلال والبرهنة، وخاتمة التوازن الوجود المشروط بدلالة المفارقة عبر الزِّيال والتميز. ومن هنا أرجو من القارئ الصبر معنا في تحضير هذه التوازنات عبر حلقات، نسأل الله عز وجل ألا يكون فيها حظٌّ لأنفسنا، وأن يجعلها في ميزان حسناتنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام عليكم بارك الله جهودكم و اتم عليكم نعمه الظاهرة و الباطنة .
اتامل انها لحظة من بعث الفكر و تنوير الانسان الغافل عن اسءلتهه الوجودية و مثيره الأولي في لحظة ابعث و احياء لدوره المسلوب موضوعا و ذاتا .
نسأل الله من عطاءه الذي لا ينفد
طابت بكم الحياة