بلاغة الانتصار في نثر الجاحظ(كتاب جديد للباحث بلال داوود عضو مركز ابن غازي )
صدر مؤخرًا عن مؤسسة بسمة للنشر والتوزيع بالمغرب، كتاب (بلاغة الانتصار في نثر الجاحظ، مدخل تحليلي إلى المشهد السياسي في الثقافة العربية القديمة) للكاتب بلال داوود(عضو مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية). يتناول الكاتب فيه، جانبا من جوانب الفكر عند الجاحظ في مدونته الواسعة، و يتحدد ذلك بشكل أساس في الجدلية بين نصرة الجاحظ لفئة أو جنس أو فكرة من جهة، وسبل استثمار الآليات النظرية والتطبيقية الحجاجية المفضية إلى التأثير والإقناع والدعاية (المباشرة وغير المباشرة) من جهة اخرى.
فغاية الكاتب بهذا الطرح تتحدد في الكشف عن سبل الاحتجاج التي سلكها الجاحظ في الانتصار، وتحديد موقع الجاحظ على خارطة التيارات السياسيّة المتجاذبة. فقد حاول بذلك الكتاب، الإجابة عن الأسئلة التالية: ما هي الاستراتيجيات الحجاجية التي اتبعها الجاحظ؟ وكيف أثرت القوى السياسية المتصارعة في العصر العباسي تشكيل المشهد السياسي في الحضارة الإسلامية؟ وذلك في ضوء منجز الجاحظ (البيان والتبين، الحيوان، الرسائل: الأوطان والبلدان، العثمانية، العباسية، مناقب الترك وزعامة جند الخلافة، فضل هاشم على عبد شمس، مفاخرة السودان على البيضان، مفاخرة الظهر والبطن، التجار وعمل السلطان، مفاخرة الجواري والغلمان، التبصرة بالتجارة، تفضيل النطق على الصمت، المعلمين، الحاسد والمحسود).
من هذا المنطلق، شرع الكاتب في رصد الحجج والوقائع والقيم التي استخدمها الجاحظ لتسويغ انتصاره، وعمل على تحديد مقصدية الحجاج في المتن المدروس من خلال أربعة أركان:
- – الأطروحة(الموقف الحجاجي).
- – الحجج والأدلة والبراهين.
- – الأدوارالحجاجية: ونقصد بها الجاحظ وأطرافه المؤيدة والمعارضة وجمهور المخاطبين.
- – النتيجة أو الحكم : الانتصار لفئة أو جنس أو حزب أو فكرة.
وتوصل الكاتب إلى أنّ خطاب الجاحظ يمّثل نموذجا مشرقًا ودالا على ثقافة الحوار التي كانت سائدة في الثقافة العربية القديمة، نموذجا يرتفع فيه أصحابه إلی لغة فيها فن ومهارة وبلاغة.
و أفاد البحث في بلاغة الانتصار، أن البيان عند الجاحظ هو الغاية، ومن ميادينه الاحتجاج ومقارعة الخصوم، وإن كان الحجاج مضمرا نوعا ما، فإن (العملية الحجاجية) كانت السمة المميزة لجهد الجاحظ، بل للجهود التفكيرية العربية عموما.
بهذا يكون كتاب الاستاذ بلال داوود، إضافة جادة في مجال قراءة بلاغة الجاحظ، حيث قام بالكشف عن وجه آخر لها.