أحسب أن هذه الموسوعة -موسوعة رواد الإصلاح في المغرب خلال القرن العشرين- خطوة هامة في سبيل تقريب فكر الإصلاح إلى عموم القراء، وهي مبادرة تستحق كل التشجيع والدعم، لكونها سلطت الضوء على مرحلة فارقة في تاريخ المغرب المعاصر، والوطن العربي والإسلامي، بل وفي تاريخ العالم ككل؛ وذلك نظرا للوقائع الكثيرة والأحداث الخطيرة التي شهدها هذا القرن من تاريخ البشرية. وهي مبادرة ستعقبها، بلا شك، مبادرات في نفس الاتجاه، نظرا لما ستخلفه من وقع على الساحة الفكرية والثقافية، وما سيترتب عن ذلكم الصدى من نقاش وحوار بين مختلف الفاعلين في هذا الوطن العزيز وفي غيره من المجتمعات والبلدان.
لقد أخذت هذه الموسوعة من القائمين عليها في مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية جهودا مضنية -في جمع المعطيات، وكتابتها، وتصحيحها، وتنسيقها، وإخراجها- لكن ينبغي أن نعلم أن الجهد الأكبر هو الذي يجب أن يبذل بعد إخراج الموسوعة، ووصولها إلى القراء في المكتبات العامة والخاصة؛ لا بد -إذن- من استراتيجية لما بعد خروج الموسوعة إلى الناس؛ خطة عمل تضمن استفادة مختلف فئات المجتمع العربي -وغير العربي- من هذه الجهود التي بذلت لشهور طويلة من العمل والتعب.
إن الجهود العظيمة التي بذلها رجال المغرب-ذكورا وإناثا- على مختلف المستويات والأصعدة، قديما وحديثا، تفرض علينا جميعا أن نعمل كل ما في وسعنا من أجل إيصالها إلى عموم الناس في كل أرجاء المعمورة؛ فهذا واجبهم علينا، لأن أغلبهم كان مغموسا في الكفاح من أجل هذا الوطن، ومن أجل أبناء هذا الوطن كي يعيشوا في كرامة وحرية وعزة؛ ولم يكن له من الوقت ما يسمح له بالكتابة والتأليف، وكان من سمو النفس ما يمنعه من الحديث عن إنجازاته وأعماله، وحتى الذين كتبوا منهم -من المتأخرين على وجه الخصوص- نحن في حاجة إلى قراءة ما كتبوه، وفهمه واستيعابه، ثم نقله إلى الناس كافة بلغاتهم المختلفة، وبأساليب العصر المتنوعة والفعالة.
