المقالات

مقصد الحرية في عالمنا العربي بين الواقع والمأمول(شعيب المدى)

لقد كانت الحرية في كل زمان ومكان وفي عرف الناس جميعهم، هي  سر وجوهر الوجود الإنساني ؛ بل هي سر وجوهر استمرار كل كائن متحرك حساس . ووجودها بالنسبة للإنسان خاصة من قبيل المقاصد الضرورية التي بدونها قد يقع الفناء وتفوت  الحياة الكريمة و السوية السديدة.

فماهي الحرية؟

 وما حدوودها ؟

وماهي أهم العوائق التي تحول دون وجودها ؟

وما هي بعض سبل التحرر المطلوب والمنشود؟

1 ▪الحرية مقاربة لغوية واصطلاحية:

إن المقاربة المدلولية للفظ الحرية في موروثنا التراثي  تعني في بعض ماتعنيه: الانعتاق من قيد الرق، و عدم إلغاء المشيئة الذاتية  والاختيار المستقل. كما نجد أنها تفيد أيضا في بعض المعاجم اللغوية كما في لسان العرب  : الشيء الأحسن ، والأطيب، وهو أيضا الشيء الفاخر .  وأن الأحرار من بني آدم هم الأفاضل الأخيار… (1)

   كما نجد هذا اللفظ يدل على جملة من المعاني المتمايزة  أظهرهامايلي:

أ▪ معني اجتماعي عرفي : وهو الذي كان متعارفا عليه في الجاهلية الأولى ، حيث كان الناس يميزون بين الحر المالك أوالمنزه عن بعض خوارم “المروءات”  في واقعه كعدم إقراء الضيف ، وعدم تنزه الحرائر من النساء عن التهمة في عرضهن ؛ كما في قول هند بنت عتبة عند  بيعة النساء للرسول عليه الصلاة والسلام على ألا يشركن ولايزنين :” أوتزني الحرة …” (2 )وبين القن المملوك المسترق الذي لايملك حرية مستقلة عن حرية سيده، وقد تصدر عنه بعض الأفعال التي قد  توصف بقلة المروءة كالزنى وبعض الخوارم الصادرة عادة عنه ، وإن كانت تلك الدناءات  نتيجة العسف في المعاملة القاسية البعيدة عن الطبيعة البشرية وصفة الإنسانية .

ب ▪معنى اصطلاحي شرعي : وهو المستعمل في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الذي يقصد به بالقصد الأول: عتق الرقاب المستعبدة من قيد الرق المنافي للبراءة الأصلية التي يولد عليها الناس أصالة وابتداء،   وقد يدخل فيها بالقصد التبعي عدم سواغية السيطرة على الآخر : ( لست عليهم بمصيطر) الغاشية /22     ، وعدم الإكراه له على معتقد معين: ( لا إكراه في الدين) البقرة/ 256  ذلك لأن السيطرة و الإكراه للآخر يلغيان حرية الاختيار ، ويصنعان الانفصامية التي تعني( النفاق) ، و الذي يقتضي إظهار الشخص خلاف مايبطن؛ وهي صفة أقبح من الصفة الكفرية ؛ لذلك ذم النفاق ورتبت عليه في الشرع عقوبة أشد من عقوبة الكفر والفسق.وإذا كان “لا يتصور الإكراه على كفر القلب واكتسابه .”(3) في المسائل العقدية، فلايتصور الإكراه على إيمان القلب واكتسابه، لأن ملك القلب لايكون إلا لصاحبه فإن شرح الخالق صدره للإيمان آمن، وإلا ظل الكفر في القلب لايدفعه دافع غير الخالق الهادي؛ ويطرد هذا القول إلى عكسه. كذلك بيعة الحاكم العادل أو المستبد لاتصح بالإكراه.

ج▪ معنى سلوكي خلقي  : ويعني فيما يعنيه تحرر النفس أو الروح من عبادة الموجودات، والتعالي عن سفاسف السلوكات، والترقي في مدارج الكمالات.. كما  في تعريفات الجرجاني: “الحرية في اصطلاح أهل الحقيقة هي الخروج عن رق الكائنات”. (4)ومعنى هذا وذاك أن الحر الطليق هو من حرر نفسه عن كل الكائنات التي يمكن أن تسترقه، وذلك بأن يتقي  مولاه  ولا يكون عبدا لما سواه ،والعبد لما سواه هو من استعبده  الغير واسترقه هواه . كما يقال : ” الأسير من أسره هواه”.

د▪ معنى كلامي فلسفي:

وقد تجسد هذا المعنى تجسدا بينا وجليا  لدى الفرق الكلامية    ذات المشارب المتنوعة مثل المعتزلة والجبرية والجهمية والأشعرية وكذا من خالفها في مسألة “الحرية الإنسانية”  من أهل المذاهب الفلسفية ومن خاض في مسالكهم من مفكري الإسلام وعلمائه؛ ممن ابتعد عن التصور المعتزلي الذي يرى أنّ فعل الإنسان وكسبه وحده به يتحمل جريرة عمله؛  باعتباره شائيا مختارا مشيئة مستقلة عن المشيئة الإلهية التي لايتصور أن توجد شرا. وقد وقف بإزاء هذا الموقف موقف مناقض وهو موقف الجبرية الذي يقرر أنّ الإنسان مجبور على أفعاله وهو كالريشة في مهب الريح لاحول لها ولا قوة!! .  وإلى هذا الرأي مال بعض من انتحل المذهب الاشعري الذي لم يبتعد كثيرًا عن موقف الجبرية.

في حين خالف بعض مفكري الإسلام وفلاسفته هذه الرؤى الثلاثة؛ ولعل أشهرهم ابن رشد، وابن تيمية الذي استغرقت ردوده على هذه الفرق مساحات واسعة من كتبه (5) مرجحا أن لله مشيئة أو إرادة خلقية قدرية كونية تشمل الخير والشر إيجادا وتكويناولايخرج عنها شيء في الوجود ، وإرادة شرعية دينية أمرية تشمل الخير وحده. وأن العبد له مشيئة وإرادة في فعل الخير أو الشر. ولولا ذلك لم يكن للثواب والعقاب مغزى وفائدة.   

والملاحظ هاهنا أن هذه المعاني  تدور حول الفرد وعلاقته بالغير المتحكم فيه تحكما مباشرا أو غير مباشر  .إلا أن الغير قد يكون فردا من جنس الشخص المسترق المستعبد، أو شيئا من داخلة نفسه يستطيع أن يتحكّم في قالبه أو قلبه.

لكن قد يكون الغير المتحكم في  كينونته قوة إيجابية مصدرها  ما وراء الطبيعة المحسوسة ، وهي قوة قادرة أن تستعبده؛ لكن العجيب في الامر  – وهذا مما قد لايدركه بعض الناظرين –  أنها قوة تستعبده  لتحرره من الداخل( الاعتقادات الخاطئة المتوارثة أو الشائعة  ، الهوى الآسر للنفس)، و من الخارج ( من “السيد” المسترق للرقاب المستعبدة أو العدو الآسر للرقاب الأسيرة بغير حق )،  وهذا إنما يتأتى فقط للمرء المؤمن إيمانا جازما بالكامل للمالك للطبيعة وما وراءها المنشد للتحرر المقصود  باتباع جملة من المبادئ والتشريعات الحكيمة و المحكمة المتدرجة والفعالة.

2 ▪ الحرية لا تكون إلا مقيدة:

أ • الحرية مبدأ وسطي:

إذا سلمنا بأن الحرية ضرورية فإنها في جوهرها مبدأوسطي بين الاستعباد والخنوع للموجودات والأشياء العاقلة وغير العاقلة،  وبين التسيب والتمرد على  كل مبدأ و نظام.

وهي أيضا التحرر من  التطبع المتصنع الجامد الكابح الكابت لما فيه حظ للنفوس ، وعن الهوى الجاذب المنفلت الآسر للنفوس وللعقول . فإن التحرر المطلق مرفوض لأن حريتنا لاتنفك عن حرية الآخرين لذلك صح القول أن الحرية تبدأ بالمطالبة بالحقوق وتتوقف عند مايلزم وجوده من الحدود.

ب • الحرية أبدا مقيدة:

ومن ثم فإن الحرية المطلقة لا يمكن أن توجد على أرض الواقع مهما اختلفت الأشخاص والذوات و الأحوال والأزمنة والأمكنة .  فالله عز وجل الذي يملك كل شيء ولا يملكه شيء، المبدع للكون الخالق له ومافيه، ومنزل القانون والشرع وموجده ،لم يبح لنفسه فعل كل شيء وكل ممكن . ألا تراه عز وجل قادر  أن يجعلنا نمشي على الأيدي دون الأرجل ، وقادر أن يخلق الهوام في حجم الجمال والفيلة وكبير الحيتان ، لكنه لم يفعل . وقادر أن يشقي السعداء ويسعد الأشقياء، ويترك العدل ويحرمه  ويفعل الظلم ويوجبه لكنه لم ولن يفعل؛ كما في الحديث القدسي الصحيح :” ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته  بينكم محرما فلا تظالموا…”(6) كما أنه تعالى رغم أنه لاحد لإرادته وقدرته لم يأمر بفعل الشر ولم يحبه ولم يفعل  المفاسد الخالصة أو الغالبة . بل إنه تعالى لم يجعل إسم” الحر” إسما من أسمائه الحسنى . وقد  طرد إبليس من حظرته القدسية عندما أراد أن يمارس حريته بإطلاق و بمعزل عن حرية الكائنات التي من حوله .  

فكيف يريد بعض من استعيد بالحكم في عالمنا العربي أن يبيح لنفسه أولغيره  من أعوانه  وموافقيه فعل مايشاء ، وإن كان الفعل مفسدة راجحة أو خالصة !؟

.3▪ لااستقرار مع غياب الحرية ولاحرية مع الاستبداد:

 إن أكبر عقبة كؤود تحول اليوم  بين الشعوب العربية والإسلامية  وبين تحقيق الحرية الحقة والصرفة، هي الاستبداد السياسي المدعوم خارجيا من بعض القوى الاستعمارية الجشعة السارقة لخيرات الشعوب،  و الذي يباركه شركاؤها من قوى النهب التابعة لها والمستثمرة للخيرات المنهوبة بشراكة أضحت مكشوفة مع تلك القوى. وهم جميعا لهم نصيب وافر من استعباد الشعوب ويشتركون في جريمة الغصب للحرية الجماهيرية التي شرعتها الدساتير السماوية والأرضية .

إن هؤلاء المستعبدين  للشعوب الحرة إنما يسلكون هذا المسلك الظالم المظلم لضمان بقاء المصالح والخيرات المغصوبة في أيديهم وأيدي بعض حاشيتهم ممن سيخلفهم في إيالة الرعية على الدوام.. وهم حقا ممن يصح أن نطلق عليهم  (عباد النفعية) . وهؤلاء وأولئك يعتقدون أن تلك المصالح الناجحة والمتوقعة في المستقبل لاتتحقق إلا بسلب الآخرين حرياتهم أو توسيع حرية من يوالونهم على حساب حقوق وحريات من يعارضهم معارضة مشروعة مكفولة بقوانين الأرض والسماء .وهم يجهلون أن حرية الحاكم المستبد الجشع وأعوانه تنتهي حيث تبدأ حرية المحكوم المستعبَد المهظوم المظلوم ؛ الذي لا يسعى لامتلاك شيء مما وراء الضروري والحاجي في أمور دينه ودنياه.

إن حب الشعوب كل الشعوب للحرية هبة إلهية ومنحة ربانية لايلحق لأحد أن يسلبها من أحد ؛لانها أمر جبلي فطري قد طبع على حبه وقصده كل إنسان عاقل، ولولا هذه الطبيعة الفطرية المتأصلة في كل مولود لكان الرق أوالعبودية سيرورة تاريخية لا تتوقف، ولاتنتهي أوتضمحل ؛ بل لظل الاستعمار العسكري واقعا لايرتفع.

إن من يظن أنه يمكن أن يسلب من الناس حرياتهم  في الاختيار السياسي والاقتصادي كمن يظن أنه يمكن أن يسلب منهم إنسانيتهم .

 وإن حرية الحاكم العادل غير المستبد  هي التحرر من تقديس الأنا والإفراط في حب المصلحة الذاتية ،ومن احتقار المحكومين واعتبارهم دونه  في الحاجة إلى الحرية. فالحرية للنفوس والمهج كالماء والغذاء للأبدان.

إنه لنيتأتى هذا الشعور في نفوس حكامنا إلا بالتخلي عن النزعتين المعميتين المصمتين القارونيةو الفرعونية .فهما إذاما اجتمعتا في حاكم أهلكتا الحرث والنسل ، وأفسدتا الفرع والأصل.  ومن شأن هذه النزعة أن تحدث الفوضى ،وتغضب الجماهير، فتفسد الحال وتضع المآل في حكم المجهول. ومن ثم فقد لاتلام بعض الشعوب على ثورتها على الاستبداد ورموزه ولاينفع صرفها العاجل او الآجل عن مسارها التحرري إذ أن تعطشها  إلى التحرر من الاستبداد لا يقف أمامه شيء ؛ مهما طال الزمان واشتدت قواصم القمع، و مقامع الضغط والتنكيل ؛ فحب التحرر من الاستبداد والاستعباد شيء مركوز في النفوس البشرية ،ولا يمكن دفعه عنها ألبتة .

إن رسول الإسلام الذي يفتخر كثير من حكام العرب بانتمائه إلى أمتهم ، كان  صاحب رسالة تحررية  تحريرية  بامتياز ؛ إذ  أدرك هذه الحقيقة بجلاء وتمثلها بوضوح وصدق. ولم يجعلها مجرد شعار ودعوى  كما شأن الكثير ممن حكموا أمته وشقوا عليها وضيقوا في كل شيء وما وسعوا إلا لأنفسهم  ومن يحقق أغراضهم .فعندما فتح هذا السائس العظيم مكة، وبسط سلطانه عليها وقد بلغت قلوب أهلها الحناجر، وظنوا أنه سيفتك بهم ويرد الاعتبار إلى نفسه ودينه بالانتقام منهم -لسالف سوئهم وقبيح صنعهم – وظنوا أنه إن تمكن منهم يستبد بهم غاية الاستبداد ؛ كان  -وهو الفاتح الغالب الذي لاينازعه أحد في حكم مكة بعد دخولها في أكثر من عشرة آلاف مقاتل –  كالأب الرحيم بالمسيئين إليه ولدعوته والمخرجين له ولأصحابه من أحب البلاد إليه . وكان لهم كالأخ العطوف المتجاوز عنهم، قائلا لهم تلك المقولة التي حري أن تكتب بماء الذهب وبماء المهج و المقل ، ويتمثلها جميع حكام العرب والعجم ..أقول لكم ماقال يوسف لإخوته:( لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) يوسف /92 ” إذهبوا فأنتم الطلقاء “(7) .  أي الأحرار الذين لايخشون غائلة التنكيل والتقتيل والانتقام كما يفعل اليوم العديد من الحكام.. ولو أن حاكما من هؤلاء الذين أسسوا أمته اليوم فتحوا مدينة سلبت منهم يوما لقال لأهلها إن هو لم يقتلهم عاجلا بالجملة:  استسلموا فأنتم اليوم تحت قبضتي المستعبدين الأذلاء الأرقاء ، أو المحاصرين المقيدين السجناء “.!في انتظار إجراءات المحاكم الظالمة التي ليس في قاموس قضائها الظالم إلا المؤبد أو الإعدام!!

لقد كانت تلك المقولة المحمدية  أعظم صرخة في تاريخ الإنسانية لإطلاق الحريات  للمخالفين الألداء؛ بل للمسيئين المناوئين الأعداء . إنه عفو الأنبياء الذين هم سفراء السماء كيوسف عليه السلام ؛ لكن شتان بين عفو يوسف بن يعقوب على إخوته بني أبيه، وعفو محمد بن عبد الله على الأقارب والأباعد من أعاديه.

4▪   لاتحرر لنا إلا بتحرر حكامنا من التبعية المطلقة للغرب:

إن الإنصاف يلزمنا بالاعتراف أن سبب الغياب الكلي أو الجزئي  في الغالب للتحرر الشعبي في عالمنا العربي هو غياب تحرر حكامنا من الغطرسة الغربية العسكرية والاقتصادية (البنك  وصندوق النقد الدوليين)  تلك الغطرسة  التي  تجعل الحاكم بين خيارين: إما الولاء المطلق أو شبه المطلق للمركزية الغربية- حفظا لمصالح الغالب على الدوام والاستمرار – أو التهديد المبطن  بإثارة الفتن والمكائد من الداخل والخارج !

وعليه فلا يمكن لعالمنا العربي أن ينشد التحرر الحقيقي إلا بالتخلص من ربقة الوصاية الاستعمارية في شقيها السياسي والاقتصادي خاصة . و لن يتأتى له ذلك فيما أحسب إلا بسلوك مايلي من خطوات :

□ إطلاق الحريات الضرورية والحاجية للشعوب العربية عاجلا غير آجل.

□ العمل على وضع خطة لوحدة عسكرية ثم سياسة  على أن تكون هذه الدول ولايات تابعة لمركز واحد  .وبذلك يحفظ للعرب والمسلمين مكانتهم تحت الشمس.

□ التخلص التدريجي من التبعية المطلقة للعالم الغربي.

□ البحث عن داعمين اقتصاديين جدد من الدول التي ليست لها سابقة استعمارية لعالمنا العربي .

□ فتح الأسواق التجارية والصناعية للشركات الآسيوية لمنافسة شركات” الظل الاستعماري “.

 □إنشاء شراكة اقتصادية فيما بينها تمهد لعملة مشتركة ومستقلة ،على غرار مافعلته الدول الغربية نفسها في مواجهة الغطرسة الاقتصادية الأمريكية. هذا فضلا عن ضرورة الخطوات الآتية:

□ التحررالاقتصادي من المؤسسات المالية الدولية التي تربط كل تغيير بحفظ مصالح الدول الممولة لها كصندوق النقد، والبنك  الدوليين .

□ ترشيد النفقات وصيانة المال العام واستثماره في النافع المفيد.

□  تشجيع الاستثمارات الصغرى والمتوسطة للشباب العربي  .

□  تقديم يد العون للفقراء بإنشاء صناديق خاصة بالتكافل يكون تمويلها من الزكاة  العقود التبرعية ، وتخفيض الفوائد والضرائب تدريجيا.

□ استثمار الموارد البشرية محليا وتسشجيعها على الابتكار المتنوع  .

 □  الاعتناء الفائق  بالصناعة الإلكترونيةوالتجارة والتعدين .

□   تطوير الفلاحة البورية والسقوية بقدر الإمكان ، مع العمل على إرجاع المنتجات الأصلية التي كادت تضمحل للتحرر من المزروعات المعدلة جينيا.

 وكل هذا  وذاك مرتبط أساسا بالتصالح الحقيقي مع قطاع التعليم الذي هو حجر زاوية كل تحرر جوهري و حقيقي. و ذلك لايتم إلا بجملة من الإصلاحات العميقة ومن بينها على سبيل المثال :

 — المواءمة  بين النظري والتطبيقي لتشجيع الابتكار في شتى مجالات المعرفة بلا هدر لطاقات المربي والمتعلم .

– الرفع من مستوى التحفيزات، وتغليب الكيف على الكم في المناهج التعليمية .

– الإبقاء على مجانية التعليم والابتعاد عن الاستثمار فيه للحفاظ على توسعه وجودته ومن ثم استمراريته إذااب أن يبقى التعلم متحررا عن المضاربين النفعيين.

 -محاربة الظواهر السلبية التي تصرف النشء عن التعلم الهادف والفعال . كالعلاقات الغرائزية الإثنية غير المنظبطة ، والاستيلاب المعلوماتي الفوضوي مع تشجيع المبدعين في هذا الحقل واحتضانهم لإيجاد برمجيات هادفة ومساعدة النشء على قطاف ثماره الإيجابية والرفع من مستوى التحصيل والتوصيل.  

 إنه عندما يفقد الإنسان حريته في البحث العلمي  والإبداع والابتكار والتخطيط باعتماد كل الأساليب والتقنيات العصرية النافعة ،   والاختيار السياسي لإيجاد المزيد من الحريات وصيانة المكتسب منها ،والتعبير عن رأيه الذي لايصادم المصلحة الجمهورية  بل و اختيار طرق التكسب المباح مها توسع وتنوع وتجدد…فإنه يصبح بمثابة القن المملوك ، أوالحيوان الداجن المتملك الذي تنحصر قيمته في الانتفاع الصرف والمحض  به وتسخير لإثراء المستبدين وحدهم ، مما يجعله فاقدا لخصوصيته الإنسانية المميزة والمساوية له مع سائر بني جنسه. وهذا التبضيع والتشييء لايتناسب وإنسانية الإنسان وحريته التي ولد عليها.

هذا وإن أمام عالمنا العربي نماذج حري أن يحتذى بها، استطاعت النهوض في أوقات قياسية  تحرر ت من الآخر و عملت جاهدة على  إصلاح المنظومة التعليمية والاقتصادية مثل ماليزيا ،وتركيا ،وإثيوبيا، وغيرها .

وأخيرا وليس آخرا فإن الحرية تستلزم أيضا  التحرر من ربقة التقاليد الجاذبة للموروثات القديمة المبلدة للأذهان ، كما التحرر من قيد الحداثة الممكنكةو القاطعة عن كل عرف سليم وأصيل .ذلك أن كل حداثة وليدة  قاطعة للمرء عن جذوره التاريخية التليدة، يلزم على العاقل التحرر منها لأنها بمثابة  محجر لاصحي يورثه مخاطر الاعطاب النفسية والثقافية والفكرية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق