موسوعة “رواد الإصلاح” تؤرخ لمسار أعلام المغرب خلال القرن العشرين(وائل بورشاشن)
في سبيل حفظ الذاكرة الجماعية بالمغرب، تؤرّخ موسوعة صدرت حديثا لمسار وعطاء عدد من أعلام المملكة من “رواد الإصلاح ورائداته” في القرن العشرين، ولبعض من ذاع صيتهم في القرن الحادي والعشرين، من مختلف المنطلقات، والتصوّرات.
وعُنون هذا المؤلَّف الجديد بموسوعة “رواد الإصلاح في المغرب خلال القرن العشرين”، وصدر في 656 صفحة عن دار نشر المعرفة ومركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، بإشراف الباحث سمير زردة.
وشارك في إعداد هذا العمل عشرات الباحثين المغاربة، وأشرفت عليه لجنة علمية تكونت من إدريس مقبول، وعبد الحق دادي، وهشام لعشوش، ومصطفى الصوصي، ولجنة تحكيم تشكَّلَت من كل من: المعطي منجب، ميلود الرحالي، عبد العالي مسؤول، محجوب بوسيف، عبد الإله المنصوري، محمد اليزيدي، محمد رفيع، حسن العزاوي، ياسر الهلالي، محمد براص، ربيع حمو، أحمد الفراك، خديجة بن طالب، وفؤاد هراجة.
وقدّمت الموسوعة تراجِم اثنين وستين فاعلا وفاعلة من المغرب، اعتبرهم “رواد الإصلاح في المغرب خلال القرن العشرين”.
ويعرّف هذا المنشور الجديد بسير وحياة كل مِن: الشيخ ماء العينين، موحى أوحمو الزياني، الحاج الحبيب البوشواري، ابن المواز الفاسي، عبد الله بن سعيد السلاوي، محمد بن الأعرج السليماني، تقي الدين الهلالي، محمد بن الكبير الكتاني، محمد بن الحسن الحجوي، أبو شعيب الدكالي ومحمد بن عبد الكريم الخطابي.
كما يقدم المنشور تراجم أعلام من قبيل: محمد بلعربي العلوي، الفقيه الزيتوني، المختار السوسي، أحمد بن الصديق، محمد اليزيدي، المكي الناصري، الشيخ وديعة الكنتاوي، محمد بن العباس قباج، عبد الله كنون، أحمد بلافريج، علال الفاسي، محمد بن الحسن الوزاني، عبد الخالق طريس، محمد المنوني، عبد العزيز بن الصديق، عبد الله إبراهيم، مهدي بن عبود، والمهدي بن بركة.
ومن بين الأسماء المقدمة سيَرُها، أيضا: عبد الهادي التازي، الحبيب الفرقاني، محمد عزيز الحبابي، عبد الرحمن اليوسفي، إدريس الكتاني، محمد بن سعيد آيت يدر، آبراهام السرفاتي، عبد الله التليدي، عبد السلام ياسين، أمينة اللوه، الفقيه البصري، الباهي حرمة، الحاج بن شقرون، عزيز بلال، عبد الله العروي، المهدي المنجرة، عبد الرحمن بنعمرو.
وترد في هذه الموسوعة أيضا تراجم محمد عابد الجابري، عمر بنجلون، عبد الكبير الخطيبي، فاطمة المرنيسي، أحمد الملاخ، عبد الكبير العلوي المدغري، عبد السلام الخرشي، طه عبد الرحمن، الشاهد البوشيخي، عبد القادر الفاسي، مصطفى بن حمزة، عبد الله ساعف، أحمد الريسوني، نادية ياسين، فريد الأنصاري، وأسماء المرابط.
وفي مقدمة الموسوعة، كتب المشرف عليها سمير زردة أنها تؤرخ للعظماء والعلماء، وتعرف بمشاريعهم وأفكارهم الإصلاحية، وما بذلوه من جهود من أجل التحرير والتنوير والتجديد والتغيير، فتقف عند من عرفهم تاريخ المغرب المعاصر من رجال ونساء “أفذاذ، ومفكرين، وعلماء، بصموا القرن العشرين بمشاريعهم الإصلاحية، ونضالاتهم وإنتاجاتهم الفكرية، (التي) غَرفت من مناهل متعددة المقاصد، مختلفة المشارب، وشكلت عناوين بمرجعيات متباينة، إيذانا بانبعاث دينامية فكرية وثقافية وسياسية ونضالية جديدة في جسد الأمة المغربية التي كانت تعاني من الخمول والعجز، بسبب آثار الاستعمار الفرنسي وعتاقة نظام الحكم التقليدي”.
وتوضح مقدمة الموسوعة أنها تقصد بالرواد أساسا: “الأشخاص الذين خاضوا معركة الإصلاح والتغيير والتحرير، كل من موقعه، سواء كان من موقع الكتابة والتنظير لمشاريع إصلاحية ذات طابع جزئي أو كلي، أو كان من موقع المقاومة المسلَّحة الميدانية، أو من موقع التدافع الفكري الحركي، داخل التكتّلات السياسية أو خارجها”.
وتحضر في هذه الموسوعة وفق المصدر نفسه: “جميع ألوان الطَّيف الفكري والسياسي المغربي التي تصدّت لسؤال الإصلاح، وقدّمت إجاباتها من زاوية مرجعيّاتها وقناعاتها”. فيما فُسِّر غياب بعض الشخصيات الوطنية باعتذار اللجنة المتخصصة في تمحيص المشاركات عن قبول الترجمات المقدمة حولها، “رغم المحاولات المضنية التي بُذِلت لتفادي ذلك”.
ويصنف المؤلَّف الإجابات التي قدّمت عن سؤال الإصلاح في المغرب إلى مرحلتين، زمنيا، أولاهما “مرحلة الاستعمار” التي ظلّت فيها إجاباته مرهونة بـ”إجماع رئيسي شكّل قاعدة ثابتة عند كل المكونات، فالجميع كان متفقا، من حيث المبدأ، على أن أولى الأولويات هي استقلال البلاد من قبضة المستعمر بكل الوسائل، مع اختلاف في الوسائل والوصلات؛ إذ ظهرت ملامح تباين وتغاير في وجهات النظر بين أقطاب ورموز الحركة الوطنية، جسّدها تياران رئيسيان: “التيار السلفي” و”التيار التحديثي” بكل تلاوينه، وهو الخلاف الذي سيتعمّق ويتبدى أكثر بعد خروج الاستعمار”.
أما ثاني المرحلتين، حَسَبَ المصدر نفسه، فهي “مرحلة ما بعد خروج المستعمِر”، التي “تميّزت باختلاف وتفاوت إجابات الإصلاح بين الرواد، نظرا لتباين التصورات والأنساق الفكرية التي ينهلون منها”، ويزيد موضحا: “بعدما كانت المرجعية الإسلامية هي المرجعية العليا للإصلاح؛ إذ قامت معظم التجارب الإصلاحية في تاريخ المغرب على أساس الشرعية الدينية، بدأ هذا التوجّه يضطرب بعد انفتاح وتأثر بعض النخب بالتجارب التحررية وبالمدارس الفكرية المهيمنة شرقا وغربا”، وهو انفتاح “أفضى إلى إيجاد مشاعر الانبهار والإيمان بإجابات إصلاحية خارجة عن النّسق التقليدي شكلا ومضمونا”.
وتسجل الموسوعة التاريخية أن مُعدِّيها باحثون وباحثات “من مدارس مختلفة وبأساليب متباينة في الكتابة، وبمنهجيات متنوعة”، اجتهدوا “في رسم لوحة مشتركة عن النشاط الإصلاحي خلال قرن من الزمان، من داخل النسق وخارجه، من داخل النظام ومن خارجه”، بتجارب ومشاريع إصلاحية “اهتمت بإصلاح السياسة، والفكر، والتربية، والتعليم، وأوضاع المرأة، وبنيات الاقتصاد، من خلال الفلسفة، والدين، والفن، والتاريخ، وعلم الاجتماع، بالدبلوماسية تارة، وبالسلاح تارة أخرى”.
وتجمل الموسوعة قائلة، في ظهر غلافها، إن هذه المشاريع توسّلت “بقدر كبير من الصدق في حب الوطن، وحب الخير لهذا الوطن”، وسعى أصحابها إلى الإسهام من جانبهم، ومن زاوية نظرهم، في “الإصلاح بحسب الوسع والإمكان”.