الانفجار العظيم: عصر النهايات والأحصنة الرابحة 5،(ادريس أوهلال)
لعل من أخطر التعريفات التي يمكن أن نُعرّف بها مصطلح «عصر النهايات» هو بلوغ أثر الانفجار العظيم نهايته القصوى وتوقف تمدد الكون وأن الكون آخذ في الإطباق علينا من جديد. سيكون هذا النوع من التعريفات خطيرا لأن ما وصلنا إليه ليس طريقا مسدودا أو نهاية التاريخ بل هو فقط نهاية دورة تاريخية وبداية دورة تاريخية جديدة، وطريقة وصفنا لما وصلنا إليه ليس “أدبا للإرهاق” وإنما لغة وأسلوب لصناعة الوعي اللازم للمرحلة واليقظة المطلوبة للدخول في المستقبل بشروط الرائد أو المتحدي لا بشروط التابع المسحوب.صحيح أن مصطلح «عصر النهايات» هو تعبير واضح عن تشاؤم العقل، لكنه تشائم تحكمه معطيات الواقع وآفاق المستقبل لما تفعله وتخطط له الرأسمالية العالمية المفترسة لا نزعة تشاؤمية وتمذهب للتفكير السلبي، ومع هذا التشاؤم أو بدونه فإن الإرادة متفائلة وستبقى دائما متفائلة مهما بلغ تشاؤم العقل عند النظر والتحليل.هو «عصر النهايات» بسبب انهيار القيم والمؤسسات التي وضعنا فيها ثقتنا في الماضي مثل الأسرة والمدرسة والجامعة والتخصص والشهادة والوظيفة وأنظمة التقاعد والسوق والسياسة والديمقراطية والمصلحة العامة والقيادة.مظاهر هذا الانهيار متعددة وعلى المستوى العالمي: واقع يتفكك ويفتقد بشكل متزايد ويوما بعد يوم إلى الصلابة والنظام واليقين والوضوح ويتحول بشكل متسارع نحو السيولة والفوضى واللايقين والغموض.هل سيكون ما بعد الانهيار امتدادا لتداعيات الانهيار نفسه بحيث تطول الأزمة وتمتد بسبب غياب الحلول والبدائل، أم ستنجح حركية التغيير والتحول؟ لاشك أن حركية التغيير ستنجح وبكل تأكيد في تطوير أو إبداع واختراع نماذج جديدة فعّالة للقيم والمؤسسات التي وضعنا فيها ثقتنا في الماضي، لكن هل ستكون هذه النماذج الجديدة في مصلحة الإنسان والمجتمع والإنسانية أم في مصلحة الرأسمالية العالمية المتوحشة المفترسة؟ هذا هو السؤال.