المقالات

في وداع الفيلسوف حسن حنفي: الإخواني الشيوعي الذي أصبح فيلسوفا(محمد همام)_2_

وبعد أن قدم الأستاذ حسن حنفي دراسة استقصائية لحركية الدين في المجتمع السياسي في مصر، عمل على صياغة أطروحة جديدة في دراسة الفكر الغربي، وفي ترجمته، وفي حدود الاستفادة منه، بإحداث حقل جديد في دراسة الغربيات، يكاد يكون مضادا لحقل الدراسات الاستشراقية، فكتب كتابا منهجيا بعنوان:(مقدمة في علم الاستغراب). و ألف، في هذا السياق البحثي، كتبا عدة في قراءة الفكر الغربي، وفي التفاعل مع كثير من أطروحاته، من موقع الدارس الباحث والناقد، وليس من موقع المتلقي المستهلك وحسب. وسعى في أطروحته اللاحقة إلى اختبار هذا المشروع، والعمل على الإقناع به وسط الإسلاميين واليساريين، وعند مختلف ألوان الطيف الثقافي و الاجتماعي والسياسي، في العالم العربي، والإسلامي، فهل توفق في ذلك؟ وكيف تلقى المثقفون الإسلاميون واليساريون، والفاعلون السياسيون، مشروع الأستاذ حسن حنفي، رحمه الله؟

 من لم يحط بعناصر تشكل شخصية الأستاذ حسن حنفي في مراحل حياته الأولى، لن يستطيع بنظرنا تكوين تصور متماسك عن مشروعه العلمي، وميراثه الفكري والفلسفي. لذلك يهاجمه الإسلاميون، ويتهمونه في دينه، بناء على اجتهاداته. غالبيتهم لايقرؤون ماكتبه، ولكن يكتفون بما كتبه قادتهم الأيديولوجيون، أو ماكتبه بعض خصومه وأقرانه، ممن يكتبون في الفكر الإسلامي، مثل الأستاذ محمد عمارة، رحمه الله؛ وهو رأيه وفهمه الذي يؤسس عليه اختلافه مع الآخرين. وكثيرا مايتحول الاختلاف إلى خصومات وسجالات، يستعملها الأتباع والمريدون، ويغذون بها الصراعات الأيديولوجية، الثقافية والسياسية في المجتمع. كما يرفض اليساريون، العرب، الأستاذ حسن حنفي، بسبب خلفيته الدينية. ولايشفع له عندهم أنه يبني رؤيته من منطلق أن الدين يمكن أن يكون قوة ثورية قادرة على التأثير في وعي الجماهير وفي فعلها ، وأن الدين يصلح أن يكون (عمولة أيديولوجية) تنطلق منها الجماهير للتحرر من الظلم والاستبداد والاستعمار والتبعية. كما لايشفع له عند اليساريين أن الخلفية المنهجية لتصوره الفكري استمدها من فلسفات الفعل متجسدة في الماركسية، من منظور نقدي وإنساني، وكذا من مجهودات (اليسار الهيجلي)، والتي تقوم على فلسفة النقد، وعلى فلسفة النقد الديني تحديدا. كما لم تقبل السلطة الأستاذ حنفي، وكانت تهادنه قليلا وتحاصره كثيرا، وقد حكى في مذكراته طرائف من ذلك ، في أكثر من بلد عربي. وحتى المنابر التي تستدعيه وتحتفي به، فبغرض تشويه خصومها السياسيين، من يساريين وإسلاميين وقوميين؛ فتجتزئ من مشروعه، وتهيئ له أسئلة موجهة وذات طبيعة وظيفية محددة!!

وعليه، سنحاول إعادة بناء الباراديغم المعرفي الذي يصدر عنه الأستاذ حنفي، من خلال تتبع النشأة العلمية الأولى لشخصيته، لنعرف لماذا ظل يدافع عن المصالحة بين الإسلام والماركسية؟ ولماذا ظل يدعو إلى الحوار والتواصل بين الإسلاميين واليساريين في العالم العربي والإسلامي؟

لقد مر الأستاذ حنفي من الكتاب القرآني، كبقية الأطفال المسلمين في كل البلاد العربية والإسلامية. وكان هذا المحضن أول احتكاك له بالقرآن الكريم. وقد عانى فيه كبقية الأطفال من صرامة منهج التعليم ومن قسوة الإمام المعلم! ترعرع في الأربعينيات في أجواء مزاج عام متحمس للثورة ضد القصر وضد الإنجليز. وكانت الساحة المصرية تتقاسمها أربعة تيارات رئيسة في الأربعينات ؛ هي: الوفد، ويتضمن ضمنه تيارا وفديا داخليا يساريا، والإخوان المسلمون، ومصر الفتاة، والحركة الديموقراطية للتحرر الوطني(تنظيم شبه ماركسي). ويحكي الأستاذ حنفي أن الطلبة لايميلون عادة إلى الوفد، وكان المصريون يحملونه مسؤولية التفريط في ثورة1919، ويعتبرونه حزب قصور وباشوات. ولايقدرون حزب مصر الفتاة، وكان يضم شخصيات سياسية وازنة، وكانوا تحت تأثير ما يشاع حول الماركسية؛ من أنها فلسفة مادية وملحدة!! فلا يتفاعلون مع التيارات اليسارية، أو الماركسية، أو شبه الماركسية. فلم يبق لهم إلا الإخوان فانظموا إليهم. وعاش الأستاذ حنفي في هذه الظروف حيرة مع من يكن؟ وانظم إلى الإخوان باعتباره خيارا مناسبا، بنظره، في ذلك الوقت؛ من دون علمه بالخبايا والصراعات الداخلية والتنظيم السري. وصادف تعرفه على الإخوان مقتل أحد أعضائهم وكان يسمى السيد فائز. ويذكر الأستاذ حنفي أنه يروج عنه أنه من (يسار الإخوان)! ويحكي الأستاذ حنفي عن العلاقة الوثيقة التي يراها بين الإخوان وبين الضباط الأحرار، والتنسيق بين التيارين في حرب الفدائيين في قناة السويس(1951)، وقبل ذلك منذ 1948، في العمل الفدائي الفلسطيني. كان عمر الأستاذ حسن حنفي، حينها، ستة عشرة سنة؛ فقد شب إذن في جو تفاهم كبير بين الإسلاميين والضباط الأحرار. ولما اندلعت الثورة في 23يوليو1952، جسدت في بلاغاتها الأولى هذه العلاقات الحميمية بين التيارين، ثم انضمت التيارات الأخرى إلى الصف الثوري؛ من أجل: القضاء على الإقطاع، وعلى الملكية، و التحقيق في اغتيال قائد الإخوان حسن البنا، 12فبراير1949، وإعداد جيش قوي، وإقامة حياة ديموقراطية سليمة. لقد كان الإخوان مع الثورة في بدايتها،؛ فقد رفعت شعار الوحدة الإسلامية، بل حلت الثورة الأحزاب مثل الوفد، وأبقت على الإخوان. وقد كانت خطابات محمد نجيب، زعيم الضباط الأحرار، تقاطع بالتهليل والتكبير، قبل أن يزيحه عبد الناصر، ويتخلص من معارضيه، ويسجن الإخوان، ويحاكمهم في محاكم عسكرية، بعدما كانوا يمثلون نصف أعضاء مجلس قيادة الثورة الإثني عشر.

إن الأهم عندي في هذا السرد للأحداث هو أن الأستاذ حسن حنفي كان يؤرخ بتعاطف كبير مع الإخوان، بل بانحياز كبير لهم ضد عبد الناصر. وقد اعتبر الأستاذ حنفي اتهام الإخوان باغتيال عبد الناصر سنة 1954 بداية مأساة في التاريخ السياسي المصري الحديث. فالأستاذ حسن حنفي ينسب العملية إلى أحد شباب الإخوان، لكنه فعلها من تلقاء نفسه؛ ولاعلم لمرشد الجماعة حسن الهضيبي بذلك. بل يؤكد الأستاذ حنفي أن حسن الهضيبي كان ضد استعمال العنف. وأظهر الأستاذ حنفي رفضه لحل تنظيم الإخوان، وسجن قيادته، وإعدام المفكر القانوني المستشار عبد القادر عودة؛ صاحب الكتاب المرجعي في الدراسات الجنائية: (التشريع الجنائي الإسلامي). وكان الأستاذ حنفي يميل إلى رأي الإخوان في رفض اتفاقية الجلاء التي وقعها عبد الناصر مع الإنجليز؛ وشارك في مظاهرات 1954. وكان الشهيد (هكذا يصفه الأستاذ حسن حنفي) الدكتور عبد القادر عودة ملهما له وهو يلوح من شرفة عابدين للمتظاهرين، بقميص ملطخ بالدماء، مرددا:(هذه هي اخلاقهم)! وهو إلهام سيستثمره الأستاذ حنفي في موسوعته: (من الفناء إلى البقاء: محاولة لإعادة بناء علوم التصوف)، في حوالي1532 صفحة.

لقد كان الأستاذ حسن حنفي يعيش داخل سياق سياسي قريب جدا من الإخوان، في بداية تشكله الشخصي. وستبرز في هذا السياق شخصية أخرى ملهمة للأستاذ حنفي في حياته، وفي طريقة صياغته لمشروعه العلمي، وهي شخصية سيد قطب، مما لا يعرفه عادة المطالعون لمنجز الأستاذ حنفي، بله غير المطالعين!!

كتب الأستاذ حسن حنفي، رحمه الله، كتابين مهمين، من المنظور التأريخي لأفكاره، ومن منظور الرغبة العلمية في الفهم المتعمق لأطروحته حول(اليسار الإسلامي). ويمثل الكتابان جزءا أساسيا من موسوعته: (الدين والثورة في مصر، 1952-1981)/ في8مجلدات. الكتاب الأول/ المجلد الخامس في الموسوعة، يرتبط بالمرحلة الأولى في علاقة الدين بالثورة. وأبرز شخصية ممثلة لهذه المرحلة بعد اغتيال حسن البنا، هي: سيد قطب. وعنوان الكتاب: (الحركات الدينية المعاصرة). ويرتبط الكتاب الثاني/ المجلد السادس في الموسوعة بالمرحلة الأخيرة في علاقة الدين بالثورة، من منظور أطروحة الأستاذ حنفي في الموسوعة، واختياره المنهجي والتحليلي لمرحلة 1952-1981. وأبرز شخصية ممثلة لهذه المرحلة، هي: خالد الإسلامبولي، الذي اغتيال أنور السادات في حادث المنصة المعروف في التاريخ السياسي المصري المعاصر، سنة 1981. وعنوان الكتاب:(الأصولية الإسلامية). وهو مرافعة فكرية وفلسفية وقانونية للدفاع عن خالد الإسلامبولي ورفاقه، كتبها الأستاذ حسن حنفي.

ودرس الأستاذ حنفي فكر سيد قطب وعلاقته بشخصيته، وسياقات التشكل لأطروحته، وأثرها على الحركات الإسلامية بعنوان دال جدا؛ هو: (أثر الإمام الشهيد سيد قطب على الحركات الدينية المعاصرة).(الحركات الدينية المعاصرة، ص167). لقد انطلق الأستاذ حنفي من تحليل فكر سيد قطب، أو(فكر الإمام الشهيد ، كما يسميه) من الربط بين مؤلفاته، وبين المواقف النفسية والاجتماعية التي مر بها، من دون الالتفات إلى المواد الثانوية في البحث والتحليل، مما يكتبه عنه الآخرون، سواء كانوا خصوما أو مريدين. كما استند الأستاذ حنفي إلى الملاحظة المباشرة، وإلى التجارب المعاشة، بحكم المجايلة بين سيد وحنفي.

ميز الأستاذ حنفي بين أربعة مراحل في فكر سيد قطب؛ مرحلة أدبية، ومرحلة اجتماعية، ومرحلة فلسفية، ومرحلة سياسية. وهي مراحل تعبر، بنظر الأستاذ حنفي، على مراحل من التاريخ الثقافي والسياسي المصريين، مما عايشه سيد قطب وأثر فيه، كما أثر فيه طه حسين والعقاد، وغيرهم. وهي مراحل متداخلة، ومتفاوتة في الطول وفي القصر، كما أنها متفاوتة في التطور، أو قل : في الدلالة على التطور أو التوقف، أو على النكوص والارتداد.

لقد امتدت المرحلة الأدبية من 1930إلى1950، وكانت أطولها. وفي هذه المرحلة كان سيد قطب جزءا من الحركة الثقافية والأدبية في مصر وفي العالم العربي؛ فقد كان مشاركا في المعارك الأدبية والثقافية التي شهدتها مصر. واشتبك مع طه حسين عندما صدر كتابه: (مستقبل الثقافة في مصر)، 1938. وكان سيد أديبا وناقدا وشاعرا متنوع الإنتاج؛ فقد ذكر له الأستاذ حنفي إنتاجاته المميزة في النقد الأدبي؛ مثل: (مهمة الشاعر في الحياة)، 1932، و(النقد الأدبي، أصوله ومناهجه)،1937، وبعض إصداراته الشعرية؛ مثل(الشاطئ المجهول)،1934، وروايات(المدينة المسحورة)، و(أشواك)، و(الأطياف الأربعة)، وسيرته الذاتية، الجزئية، (طفل من القرية)، 1945. كما ذكر الأستاذ حنفي أخطر كتابين لسيد قطب، لاينتميان حصرا، إلى المرحلة الأدبية، بل إلى كل المراحل، على طابعهما الأدبي التحليلي الظاهر من عنوانيهما؛ وهما: كتابا:(التصوير الفني في القرآن الكريم)، 1945، وتطبيقات نظريته في (التصوير)، في كتاب(مشاهد القيامة في القرآن). لقد كان سيد قطب ، في هذه المرحلة، بنظر الأستاذ حنفي، من قادة حركة الأدباء الشبان الذين يبحثون لأنفسهم عن مكان وسط هيمنة الرموز والأعلام؛ مثل طه حسين. وكان سيد قطب يبشر بمفهوم للشعر والإبداع أوسع من العلم والفلسفة. وكان معجمه الأدبي مكتنزا بمفاهيم وجودية؛ مثل: الجسم، والعقل، والروح، والزمن، والوحدة، والموسيقى، والتصوير، والمجهول، والخيال، والحلم، والوجدان، والغربة، والغريب، والموت… ويتضمن ديوانه قصيدة وجودية، بعنوان: الغريب؛ وتشم في هذه القصيدة، رائحة غريب أبي حيان التوحيدي(923-1023)، في كتابه(الإشارات الإلهية)، وغريب ألبير كامي Albert Camus، 1913-1960، في روايته: الغريب L’Étranger، وليس بعيدا نفسه الشعري في هذه القصيدة عن الحديث النبوي:(بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء). وبدا معجم سيد قطب في هذه المرحلة متخففا من (المصطلحات الإسلامية). وكانت أشعاره ذات موضوعات وطنية وقومية؛ أي نفس الموضوعات التي كانت سائدة في شعر الرواد؛ مثل حافظ إبراهيم والعقاد… وتجسد روايته (المدينة المسحورة) ارتباطه بثقافة مصر القديمة، ويفسر الأستاذ حنفي هذا الارتباط بأثر جمال الدين الأفغاني على الطبقة المثقفة في مصر ودعوته الشهيرة: (مصر للمصريين)، ومجهودات: الطهطاوي، ولطفي السيد، وطه حسين، والعقاد… في هذا الاتجاه. و(المدينة المسحورة) مدينة عظيمة في مصر القديمة وقعت فيها قصة حب وانتقام، وهي قصة تحكيها شهرزاد لشهريار. ويشير الأستاذ حنفي إلى أن هذه الرواية، على ما فيها من سرد حكائي/روائي بمادة وشخوص وأساليب قديمة، فإنه تحمل نفسا تساؤليا شكل مادة رمادية لشخصية سيد قطب؛ ومن التعابير الدالة على ذلك في الرواية: (أين الطريق؟)، و(لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)، وهي تعابير تختزل صور البحث عن الطريق. وقد ألف سيد قطب لاحقا كتاب (معالم في الطريق) الذي دفع حياته ثمنا له، بتعبير الأستاذ حسن حنفي.

لقد سعى الأستاذ حسن حنفي إلى تتبع بذور(التصور الإسلامي) في هذه الكتابات الأدبية الأولى لسيد، وهي كتابات أهملها الدارسون والباحثون في البدايات الأولى لتشكل الحركات الإسلامية، مما انتبه له الأستاذ حسن حنفي، وأنجز بصدده أبحاثا معمقة في الموضوع. ويذهب الأستاذ حسن حنفي إلى أن رواية (المدينة المسحورة) عبرت على كفاءة سيد قطب الأدبية، وعلى امتلاكه أدوات الفن الهندسي المتقن، في ترتيب العلاقات بين: الخير والشر، والحب والانتقام، والحياة والموت، والاسترسال في تصوير نزوعات الخير، وتصوير أن الحب لا يعرف التفرقة الطبقية، وهو الذي ينتصر على ملك المدينة في النهاية. ويذهب الأستاذ حنفي إلى أن هذه الترتيبات السردية والحكاية، سواء في رواية(المدينة المسحورة)، أو في رواية (أشواك)، وفيها قصة عاطفية ذاتية لسيد قطب، انتهت بانفصاله عن رفيقة عمره، لكنه أهداها لها، سيشكل هذا النمط السردي البذور الأولى ل(التصور الإسلامي) الذي سيشيده سيد قطب، وسيلهم الأستاذ حنفي.

عندما يحرص الأستاذ حنفي على إدخالنا في العالم الروائي لسيد قطب، وينقل لنا، مثلا، وصفه للعلاقات العاطفية في رواية(أشواك)؛ وصف الصدور، والرؤوس، والشعور، وحالات الغزل، والتوتر؛ والغضب، بين الحبيبين؛ بشكل فني فيه قدر كبير من التحرر، والعمق الإنساني، إنما يريد أن يبرز لنا شخصية مبدعة رقيقة ودقيقة، في الإحساس والتعبير، عكس مايصوره الباراديغم الإعلامي الرائج والمتحيز ضد سيد قطب، و الذي يصوره كائنا (إرهابيا) هو المسؤول الأول عن صناعة التطرف والمتطرفين!! هذا البعد الإنساني، والثوري، كما سنرى لاحقا، هو ما ألهم الأستاذ حسن حنفي في شخصية سيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق