سوانح إحيائية: الشهداء لبنات في عمارة البيت(ميمون النكاز)
استشهاد “صالح العاروري” وإخوانه ممن سبقوه وممن كانوا معه وممن سيلحقون بهم ليس أمرا عجبا ولا مفاجئا ولا مخيفا، إنما هو لبنة فائحة بالروح والريحان على طريق “النبوة الشاهدة الشهيدة”:
{ وَكَأَیِّن مِّن نَّبِيء قُتٍلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیر، فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَا أَصَابَهُم فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱستَكَانُوا وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصـبِرِینَ، وَمَا كَانَ قَولَهُم إِلّاۤ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِی أَمرِنَا وَثَبِّت أَقدَامَنَا وَٱنصُرنَا عَلَى ٱلقَومِ ٱلكَـفِرِینَ فَـَٔاتاهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنیَا وَحُسنَ ثَوَابِ ٱلـَٔاخِرَةِۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلمُحسِنِینَ ﴾ [آل عمران١٤٦-١٤٨].
من أجل تثبيت هذا الركن الديني والأصل الوجودي قيل للمسلمين في العهد النبوي: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُول قَد خَلَت مِن قَبلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِین مَّاتَ أَو قُتِلَ ٱنقَلَبتُم عَلَى أَعقَـٰبِكُمۡ وَمَن یَنقَلِب عَلَى عَقِبَیهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیئـا وَسَیَجزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ}[آل عمران١٤٤].
لا يستغرب من الصهاينة اغتيالهم للقادة والأعلام والكفاءات والآمرين بالقسط من الناس، إذ ذلك من إرثهم الأثيم عن سلفهم ” اليهود قتلة الأنبياء” كما جاء عنهم الخبر في الوحي الشريف؛ في “البقرة” و”آل عمران” و”النساء”…
قتل الأنبياء واغتيال أئمة الحق وقادة الجهاد من البلاء الشديد الذي قد يكون سببا في “الافتتان” عن طريق الحق والجهاد، وقد يؤول بالمفتتنين إلى”الانقلاب على الأعقاب”، {وَمَن یَنقَلِب عَلَى عَقِبَیهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیـٔا وَسَیَجزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـكِرِینَ}[آل عمران١٤٤].
وليعلم أن المبتغى الأكبر للغرب الطاغي المستكبر هو إدخال الأنظمة النخرة والشعوب الإسلامية المبعثرة في “مجاحر الاستكانة” للكيان الصهيوني، ولا يكون له ذلك إلا بتوهين الإرادة العامة وإضعاف القدرة الكلية للأمة، لذلك ومن أجل دفع ذلك جاء النص على شرائط الاستخلاف والتمكين والنصر في الآية الشريفة: { فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَا أَصَابَهُم فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱستَكَانُوا۟ۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـبِرِینَ}[آل عمران١٤٦]… وعلى أسس تحقيق هذه الشرائط جاء الوعد الإلهي: { وَجَعَلنَا مِنهُم أَئمَّة یَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یُوقِنُونَ}[السجدة ٢٤].
إنما هي كلمة أنا قائلها- قد قال مثلها ابن تيمية من قبل- : (لا تنال الإمامة في الأرض إلا بالصبر واليقين)، وكلاهما بضع وسبعون من الشعب، إذا اسْتُوفِيًتْ وَفَّى الله الأمةَ عهدَه بالإمامة الهادية للإنسان في الأرض …
ذلك هو “البيت” وتلك “عمارته”، فهل نكون “لبنات” في بنائه وعمارته؟…